وكان عالي الهمة شريف النفس لم يقبل من أحد صلة ولا جائزة حتى أنه رد صلات أبيه. وناهيك بذلك شرف نفس وشدة صلف واما الملوك من بنى بويه فإنهم اجتهدوا على قبوله صلاتهم فلم يقبل وكان يرضى بالاكرام وصيانة الجانب واعزاز الاتباع والأصحاب.
وذكر الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في التاريخ في وفاة الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطير بي الفقيه المالكي قال كان شيخ الشهود المعدولين ببغداد ومتقدمهم وكان كريما مفضلا على أهل العلم وقرأ عليه الشريف الرضى القرآن وهو شاب حدث فقال يوما من الأيام للشريف أين مقامك؟ قال في دار أبى بباب محول فقال مثلك لا يقيم بدار أبيه قد نحلتك داري بالكرخ المعروفة بدار البركة فامتنع الرضى من قبولها وقال له لم أقبل من أبى قط شيئا فقال إن حقي عليك أعظم من حق أبيك عليك لأني حفظتك كتاب الله فقبلها وكان يلتهب ذكاء وحدة ذهن من صغره.
ذكر أبو الفتح ابن جنى في بعض مجاميعه قال أحضر الرضى إلى ابن السيرافي النحوي وهو طفل جدا لم يبلغ عمره عشر سنين فلقنه النحو وقعد عنده يوما في الحلقة فذاكره شيئا من الاعراب على عادة التعليم فقال له إذا قلنا رأيت عمرا فما علامة النصب في عمر فقال له الرضى بغض على " ع " فتعجب السيرافي والحاضرون من حدة خاطره وحكى أبو الحسن العمرى قال دخلت على الشريف المرتضى فأراني الأبيات قد عملها وهي:
سرى طيف سعدى طارقا فاستفزني * هبوبا وصحبي في الفلاة هجود فلما انتهينا للخيال الذي سرى * إذ الدار قفرى والمزار بعيد فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي * لعل خيالا طارقا سيعود فخرجت من عنده ودخلت على أخيه الرضى (رض) فعرضت عليه