فليقبل فاقبل إليه ناس كثير فشد بهم على أهل الشام مرارا ليس من وجه يحمل عليه إلا صبروا له فقاتل قتالا شديدا ثم قال لأصحابه لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فوالله ما ترون منهم الا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها وإنهم لعلى ضلال وإنكم لعلى الحق يا قوم اصبروا وصابروا واجتمعوا وامشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا واذكروا الله ولا يسلمن رجل أخاه ولا تكثر والالتفات واصمدوا صمدهم وجالدوهم محتسبين حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين قال أبو سلمة فبينا هو وعصابة من القراء يجالدون أهل الشام إذ طلع عليهم فتى شاب وهو يقول:
انا ابن أرباب ملوك غسان * والدائن اليوم بدين عثمان أنبأنا قراؤنا بما كان * ان عليا قتل ابن عفان ثم شد لا ينثني حتى يضرب بسيفه ثم جعل يلعن عليا ويشتمه ويسهب في ذمه فقال له هاشم بن عتبة يا هذا ان الكلام بعده الخصام وان لعنك سيد الأبرار بعده عقاب النار فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فيسألك عن هذا الموقف وهذا المقام قال الفتى إذا سألني ربى قلت قاتلت أهل العراق لأن صاحبهم لا يصلى كما ذكر لي وانهم لا يصلون وان صاحبهم قتل خليفتنا وهم آزروه على قتله فقال له هاشم يا بنى وما أنت وعثمان إنما قتله أصحاب محمد الذين هم أولى بالنظر في أمور المسلمين وان صاحبنا كان أبعد القوم عن دمه واما قولك انه لا يصلى فهو أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وأول من آمن به واما قولك ان أصحابه لا يصلون فكل من ترى معه قاري الكتاب لا ينامون الليل تهجدا فاتق الله واخش عقابه ولا يغررك من نفسك الأشقياء المضلون فقال الفتى يا عبد الله لقد دخل قلبي من كلامك وإني لأظنك صادقا صالحا وأظنني مخطئا اثما فهل من توبة قال نعم أرجع إلى ربك وتب إليه فإنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ويحب التوابين ويحب المتطهرين فرجع الفتى إلى صفه منكسرا نادما فقال له قوم من أهل الشام خدعك