فما بالكم لا تزودن لطريق القيامة وما يصلحكم فيه قالوا وكيف نتزود لذلك فقال يحج الرجل منكم حجة لعظام الأمور ويصوم يوما شديد الحر للنشور ويصلى ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ويتصدق بصدقة على المساكين للنجاة من يوم العسير ويتكلم بكلمة حق فيجيره الله لها يوم يستجير ويسكت عن كلمة باطل ينحو بذلك من عذاب السعير يا بن آدم إجعل الدنيا مجلسين مجلسا في طلب الحلال ومجلسا للآخرة ولا ترد الثالث فإنه لا ينفعك وأجعل الكلام كلمتين كلمة للآخرة وكلمة في التماس الحلال والثالثة تضرك وأجعل مالك درهمين درهما تنفقه على عيالك ودرهما لآخرتك والثالث لا ينفعك وأجعل الدنيا ساعة من ساعتين ساعة مضت بما فيها فلست قادرا على ردها وساعة آتية لست على يقين من ادراكها والساعة التي أنت فيها ساعة عملك فاجتهد فيها لنفسك وأصبر فيها عن معاصي ربك فان لم تفعل قد هلكت. ثم قال قتلى هم لا أدركه.
وروى لما توفى عبد الرحمن بن عوف قال أناس من أصحاب رسول الله إنا نخاف على عبد الرحمن فيما ترك فقال كعب وما تخافون كسب طيبا وأنفق طيبا وترك طيبا فبلغ ذلك أبا ذر رحمة الله عليه فخرج مغضبا يريد كعبا فمر فلحق عظم بعير فاخذه بيده ثم انطلق يطلب كعبا فقيل لكعب ان أبا ذر يطلبك فخرج هاربا حتى دخل على عثمان يستغيث به وأخبره الخبر فاقبل أبو ذر يقتص الخبر في طلب كعب حتى انتهى إلى دار عثمان فلما دخل قام كعب فجلس خلف عثمان هاربا من أبي ذر فقال أبو ذر هاهنا يا بن اليهودية تزعم أنه لا بأس فيما ترك عبد الرحمن لقد خرج رسول الله نحو أحد وأنا معه فقال يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله فقال الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا عن يمينه وشماله وفوقه وخلفه وقدامه وقليل ما هم ثم قال يا أبا ذر قلت نعم يا رسول الله بابى أنت وأمي قال ما سرني أن لي مثل أحد أنفقه في سبيل الله أموت ثم أموت ولا اترك منه قيراطين ثم قال يا أبا ذر أنت تريد الأكثر وانا