فمن (1) كان هذا أصله في ذلك سقط عنه الجواب كما (2) حكيناه عن أبي الحسن في الفرق بين الاستثناء وبين دلالة الخصوص ويصير حينئذ في الأصل وقد بيناه فيما سلف (3)
(1) لفظ د " فمتى ".
(2) لفظ د " عما ".
(3) اقتصر الجصاص في هذه المسألة على بيان مذهب شيخه الكرخي ويتلخص في أنه إن خص بمتصل كالاستثناء فحقيقة، وإن خص بمنفصل فمجاز، وحكاه أبو حامد وابن برهان وعبد الوهاب عن الكرخي وغيره من الحنفية، قال ابن برهان: ومال إليه القاضي ونقله عنه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في اللمع، ونحن نسوق بقية المذاهب.
المذهب الأول:
ذهب الأكثرون إلى أنه مجاز في الباقي مطلقا سواء في ذلك التخصيص بمتصل أو منفصل وسواء كان بلفظ أو بغيره. واختاره البيضاوي وابن الحاجب والصفي والهندي.
قال ابن برهان في الأوسط: وهو المذهب الصحيح ونسبه الكيا الطبري إلى المحققين.
المذهب الثاني:
ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه حقيقة فيما بقي مطلقا. قال الشيخ أبو حامد الإسفرائيني: وهذا مذهب الشافعي وأصحابه وهو قول مالك وجماعة من أصحاب أبي حنيفة ونقله ابن برهان عن أكثر الشافعية، وقال إمام الحرمين: هو مذهب جماعة الفقهاء وحكاه ابن الحاجب عن الحنابلة.
المذهب الثالث:
ذهب عبد الجبار إلى عكس مذهب الكرخي حكى هذا الوجه عنه ابن برهان قال الشوكاني: ولا وجه له.
المذهب الرابع:
وحكاه الآمدي أنه إن خص بدليل لفظي كان حقيقة في الباقي، سواء كان ذلك المخصص اللفظي متصلا أو منفصلا، وإن خص بدليل غير لفظي كان مجازا. ولا وجه لهذا لأن القرينة قد تكون لفظية وقد تكون غير لفظية. والآمدي بعد أن ساق مذاهب العلماء قال: والمختار تفريعا على القول بالعموم أنه يكون مجازا في المتبقي واحدا كان أو جماعة، وسواء كان المخصص متصلا أو منفصلا عقليا أو لفظيا باستثناء أو شرط أو تقييد أو صفة.
المذهب الخامس:
حكاه أبو الحسين البصري في المعتمد عن عبد الجبار أنه إن خص بالشرط والصفة فهو حقيقة وإلا فهو مجاز، ولا وجه له أيضا، وقد استدل بما لا يصلح للاحتجاج به على محل النزاع.
المذهب السادس:
ذهب أبو الحسن البصري إن كان المخصص مستقلا فهو مجاز، سواء كان عقليا أو لفظيا، وإن لم يكن مستقلا فهو حقيقة، واختار هذا الرأي فخر الدين الرازي فإنه قال في المحصول والمختار قول أبي الحسين وهو أن القرينة المخصصة إن استقلت بنفسها صار مجازا وإلا فلا.
المذهب السابع:
أن يكون حقيقة فيما بقي ومجازا فيما أخرج وقال الشوكاني: إن هذا المذهب خارج عن محل النزاع لأن محل النزاع هو فيما بقي فقط، ولا نوافق الشوكاني على هذا الاعتراض، فقد بين الحكم في الباقي بأنه حقيقة ولا يضيره أن يبين حكم ما أخرج بأنه مجاز فيه فليس فيه خروج عن محل النزاع.
راجع في ذلك إرشاد الفحول 135 والأحكام للآمدي 1 / 76 والتلويح 1 / 210 والإبهاج 2 / 80 وروضة الناظر 124 وشرح مختصر تنقيح الفصول 226 وشرح العضد على مختصر المنتهى 2 / 106 وتيسير التحرير 2 / 10، وحاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 37.