والثانية: كون الاستثناء من الإثبات نفيا، كما هو إجماع محقق ظاهرا ومحكي في كلام جمع صريحا، ومنه إثباتا، كما هو أصح القولين للأصوليين، لكلمة التوحيد. خلافا لبعضهم، لوجه غير واضح، مطرد في الأول أيضا، مع كونه مسلما.
والثالثة: لزوم رجوع كل استثناء إلى متلوه ولا خلاف فيه، وذلك لقربه واستلزام عوده إلى البعيد ترجيحه على الأقرب من غير سبب، وعوده إليهما يوجب التناقض، إذ المستثنى والمستثنى منه متخالفان نفيا واثباتا، كما مضى.
وحيث ثبتت هذه المقدمات ثبت لك صحة الحكم بلزوم الثمانية في المثال، لأن الاستثناء الأول ينفي من العشرة المثبتة خمسة، والثاني يثبت من الخمسة المنفية ثلاثة، فتضم إلى الخمسة الباقية من العشرة فيلزمه ثمانية، ولو زاد في المثال إلا واحدا لزمه سبعة، لاستلزام الاستثناء نفيه عن الثلاثة المثبتة، فيبقى اثنان وينضمان إلى الخمسة الباقية فيلزمه سبعة. وقس على هذا ما يرد عليك من سائر الأمثلة.
ومنها ما لو قال له عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحدا فيلزمه خمسة.
والضابط أن تسقط المستثنى الأول من المستثنى منه وتجبر الباقي منه بما ثبت بالاستثناء الثاني وتسقط ما نفاه الاستثناء الثالث من مجموع ما ثبت وتجبر الباقي منه بالرابع وهكذا، أو يجمع الأعداد المثبتة على حدة والمنفية كذلك وتسقط جملة المنفي من جملة المثبت، فهو في المثال الأول أحد عشر والمنفي فيه ستة إذا أسقطته من الأول بقي سبعة، ومن المثال الثاني ثلاثون والمنفي منه خمسة وعشرون والباقي بعد الإسقاط خمسة.
ثم إن كل ذا إذا لم يتعدد الاستثناء بعاطف ولم يكن مساويا للأول