خطاب الأهم، وتفصيله يطلب من محله من هذا الكتاب وغيره.
5 - وكان (قدس سره) يرى أن الأحكام الشرعية غير مقيدة بقدرة المكلف لا عقلا ولا شرعا، وإن كان حكم العقل بالإطاعة والعصيان في صورة القدرة.
وذلك لأن الأحكام الشرعية عارية بحكم الإطلاق عن التقييد بالقدرة شرعا، ولا سبيل إلى التقييد بالقدرة فتشمل العاجزين بإطلاقها، ولا يعقل التقييد بها لا من قبل الشرع ولا من قبل العقل، لأنه على التقييد من قبل الشرع يلزم القول بالبراءة عند الشك في القدرة. وهم لا يلتزمون به، بل قائلون بالاشتغال عند ذلك، ولا يلزم جواز إحداث ما يعذر به اختيارا، ولا يلتزمون به، ومنه يعلم عدم استكشاف التقييد بالقدرة شرعا من ناحية العقل.
مضافا إلى أن التقييد بالقدرة لا يجامع ما اتفقوا عليه من بطلان اختصاص الأحكام بالعالمين، بل يشترك كل من العالمين والجاهلين فيها; لأن التفكيك بين العلم والقدرة غير صحيح. فلو كشف العقل التقييد بالقدرة شرعا، فلابد وأن يكشف عن التقييد بالعلم; لأنهما يرتضعان من ثدي واحد; لأن المناط فيهما واحد وهو قبح خطاب العاجز والجاهل.
وأما عدم التقييد من قبل العقل مستقلا، فلأن تصرف العقل بالتقييد في حكم الغير وإرادته مع كون المتشرع غيره باطل; ضرورة أنه لا معنى لأن يتصرف أحد في حكم غيره ويضيقه.
وبالجملة تصرف العقل في إطلاق الأدلة لا يرجع إلى محصل، بل تصرفه في إرادة الشارع وجعله غير معقول; لأن التقييد والتصرف لا يعقل إلا لجاهل الحكم، لا لغيره، وهو غير العقل فتدبر.
نعم للعقل في مقام الإطاعة والعصيان، وتشخيص أن مخالفة الحكم في أي مورد يوجب استحقاق العقوبة وفي مورد آخر لا يوجب ذلك.