وهذا أثر البطيخ الصحيح، ولكن لو لم يكن حلوا ولم ينزه الخواطر يقال: إنه فاسد، ومع ذلك يرتبون عليه الأثر في الجملة، ولذا يعطونه لدوابهم.
ثم إنه يظهر من المحقق النائيني (قدس سره): أن الصحة والفساد أمران إضافيان; لأنه قال: إن الشيء قد يتصف بالصحة والفساد تارة باعتبار الأجزاء، وأخرى باعتبار الشرائط; مثلا الصلاة تارة تكون صحيحة باعتبار اشتمالها على تمام ما لها من الأجزاء وإن كانت فاقدة للشرائط، وأخرى تكون صحيحة باعتبار اشتمالها على الشرائط وإن كانت فاقدة للأجزاء; إذ الصحة من جهة لا تنافي الفساد من جهة أخرى; لأن الصحة والفساد من الأمور الإضافية، ومن هنا ذهب بعض إلى وضع ألفاظ العبادات للصحيح بالنسبة إلى الأجزاء، وللأعم بالنسبة إلى الشرائط (1).
وفيه: أنه قد عرفت أن معنى الصحيح والفاسد غير معنى التام والناقص، وأن الصحيح والفاسد أمران واقعيان في الأشياء الخارجية التكوينية، عارضان للشيء بحسب وجوده الخارجي; لاتصافه بما يلائم طبيعته النوعية أو بما ينافرها، وإطلاقهما على مثل «الصلاة» إنما هو بضرب من العناية والتأويل، فالصحة والفساد في الصلاة - التي تكون أمرا اعتباريا - أمر واقعي اعتباري، فعدهما أمرين إضافيين أو اعتباريين; حتى يختلفا باعتبار الإضافة إلى جهة دون جهة أو أمر دون أمر، كما ترى.
والحاصل: أن الصحة والفساد كيفيتان عارضتان للموجود الخارجي باعتبار اعتدال المزاج وانحرافه، فإن كان معتدلا يقال: إنه صحيح، وإذا انحرف يقال: إنه فاسد، وهذا أمر واقعي لا إضافي، وإطلاقهما على مثل الصلاة إنما هو على سبيل العناية; باعتبار أنها لوحظت لها هيئة اتصالية، ولها وحدة في عالم الاعتبار، فكان لها كيفية مزاجية، فإن كانت معتدلة; بأن كانت مطابقة للمأمور به، فيقال: إنها صحيحة، وإن