بل المسند إليه هو المشار إليه، فكذلك المسند إليه في قولك: «هذا زيد»، و «هو قائم»، لم يكن لفظة «هذا» أو «هو» بل المشار إليه بهما، وتقدم آنفا الفرق بين إحضار «هذا» أو «هو» المشار إليه، وبين حكاية لفظة «زيد» عن الشخص الخارجي، فإن في الأول يحضران المسند إليه في ذهن السامع من دون أن يكونا موضوعين له، وفي الثاني تحكي عن المسند إليه حكاية اللفظ عن معناه الموضوع له.
ونحن وإن لا ننكر إجراء بعض أحكام المبتدأ والمسند إليه على ألفاظ الإشارة وضمائر الغيبة في محيط الأدب وفي عبارات الأدباء، ولكن لا يوجب ذلك كونها أسماء، كما لا يخفى، كما أنهم يجرون أحكام العلم على بعض النكرات ك «أسامة»، مع أنها ليست علما; لأنه لا فرق بينها وبين «الأسد» في الدلالة على المعنى المبهم، ومع ذلك تراهم يجرون أحكام العلم على «أسامة» دون «الأسد» (1).
والقول بأن «أسامة» علم للجنس دون «الأسد» (2) أمر لا يقبله الطبع السليم، ولم يمكنهم إثباته بدون ورود الإشكال، كما لا يخفى، فتدبر.
الأمر الثاني: أنه لو كانت معاني ألفاظ الإشارة وضمائر الغيبة معاني جزئية فلا يمكن تقييدها، وما لا يمكن تقييده لا يمكن إطلاقه; لأنهما متقابلان، فإذا لا تقبل الإشارة لأن تثنى وتجمع; لأن تثنيتها وجمعها عبارة عن تكريرها وتقييدها، مع أنا نرى بالوجدان صحة أن يقال: «هذا، هذان، هؤلاء، هو، هما، هم...» إلى غير ذلك.
مضافا إلى عدم معهودية لحوق علامتي التثنية والجمع للحرف.
وفيه: أن هذا الإشكال ينحل إلى أمرين:
أحدهما: عدم إمكان تقييد المعنى الحرفي (3).