الإنشائية، وهو إيجاد البيع، كما تحكي هيئة «ضربت» و «قتلت» عن الإيجاد التكويني.
فهيئة «بعت» الإنشائية موجدة للبيع، وهيئة «بعت» الإخبارية تحكي عن هذا الإيجاد، فلكل من الإنشاء والإخبار معنى غير ما للآخر، والموضوع له في «بعت» الإنشائية غير الموضوع له في «بعت» الإخبارية، ومعناهما متباينان، وقس عليه جميع الهيئات في أبواب العقود والإيقاعات.
فبعد ما عرفت حقيقة الإنشاء فنقول: كما أن الجمل الخبرية كانت على قسمين:
1 - قسم منها يحكي عن الهوهوية والاتحاد.
2 - والقسم الآخر يحكي عن الكون الرابط والإضافة.
فكذلك الجمل الإنشائية على قسمين: فإن القصد في الإنشاء تارة إلى إيجاد الهوهوية في وعاء الاعتبار، كقوله: (الفقاع خمر استصغره الناس) (1)، وكقوله: «أنت طالق» و «هو ضامن» في مقام الإنشاء... إلى غير ذلك، فإنه قصد معنى هو هويا، وأوقعه في عالم الاعتبار بإنشائه مصداقا اعتباريا للخمر في قوله (عليه السلام): (الفقاع خمر)، فيترتب عليه ما يترتب على الخمر من الآثار.
وبالجملة: الاعتبار في أمثالها هو إنشاء الهوهوية وجعل الموضوع مصداق المحمول في وعاء الاعتبار، فيصير بهذا الجعل مصداقا للمحمول لدى العقلاء، فتترتب عليه الآثار.
وأخرى: إلى إيجاد الإضافة والكون الرابط، كقوله: «وهبت هذا المال لزيد»، فإنه لم يوقع بقوله هذه الهوهوية، وإنما أوقع الإضافة والكون الرابط، وهو كون هذا المال لزيد هبة.