اختلافهم في الفضيلة وتساويهم، بل يجوز موافقتهم احتياطا من دون تقليد، لان مقتضى إطلاق أدلة التقليد من الآيات والروايات وسيرة العقلاء حجية الكل، ولا يجب عقلا إلا موافقة الحجة في الخروج عن تبعة العقاب.
وأما إطلاق قولهم: لا يجوز تقليد المفضول فليس هو معقدا لاجماع واجب العمل، والمتيقن من الترجيح بالأفضلية - على تقدير البناء عليه - صورة الاختلاف، لصلوح رأي الأفضل لتخطئة المفضول، على ما يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
فالعمدة الكلام في الصورة الثانية، لشيوع الابتلاء بها وظهور الخلاف فيها. ومن الظاهر أنه لا مجال لتخيل كون تقليد كل منهم مقتضى الاطلاقات، لما سبق في مباحث التعارض من قصور إطلاقات الحجية عن شمول المتعارضين، وأنها لا تقتضي حجية أحدهما تعيينا ولا تخييرا.
فلابد في إثبات جواز تقليد أحد المجتهدين في المقام تعيينا أو تخييرا من دليل خاص مخرج عن ذلك.
والكلام يقع..
تارة: في صورة تساوي المجتهدين في الفضيلة.
وأخرى: في صورة اختلافهم فيها.
المقام الأول: في صورة التساوي في الفضيلة.
والمعروف بين الأصحاب التخيير بينهم فيها، ولا يظهر الاشكال فيه بينهم، بل مقتضى ما يأتي في صورة التفاضل المفروغية عنه.
وهو مبتن على ما أشرنا إليه غير مرة وادعاه شيخنا الأعظم قدس سره وغيره من الاجماع على جواز التقليد مطلقا للعامي وعدم تكليفه بالاحتياط. وبه يخرج عن أصالة التساقط في المتعارضين بعد قصور الاطلاقات عن شمولهما - كما عرفت - وعدم نهوض سيرة العقلاء - التي هي عمدة أدلة المسألة - بالتخيير، بل