وأما الشك فللعلم ببقائها على تقدير ثبوتها وعدم احتمال ارتفاعها بموت المفتي. فلابد من النظر في جريان الاستصحاب إما في الحكم الظاهري المترتب على الفتوى حين المفتي والمشكوك في بقائه بعد وفاته، أو في الحكم الوضعي، وهو الحجية الثابتة لرأي المفتي قبل موته.
أما استصحاب الحكم الظاهري فيبتني على جعل الاحكام الظاهرية المماثلة لمؤديات الطرق، والتحقيق عدمه وأنه ليس مفاد الطرق إلا جعل حجيتها، وليس الحكم الظاهري إلا منتزعا من ذلك من دون أن يكون مجعولا، ليمكن استصحابه، كما أوضحنا ذلك عند الكلام في مؤديات الطرق في مبحث قيامها مقام القطع الموضوعي من مباحث القطع فراجع.
مضافا إلى أنه لا مجال له في الاحكام الكلية التي لم يتم موضوعها في حياة المفتي، وانما يفتي بها بنحو القضية الحقيقية الراجعة للقضية التعليقية، حيث تحقق في محله عدم جريان الاستصحاب التعليقي ذاتا لا بالمعارضة بالاستصحاب التخييري، ليختص المنع بالأحكام الاقتضائية، كما ذكره سيدنا الأعظم قدس سره.
نعم، قد يتم في الاحكام التنجيزية الثابتة في حياته، سواء كان موضوعها جزئيا خارجيا، كنفوذ العقود الواقعة في حياته ونجاسة الفقاع الموجود قبل وفاته، أم كليا كالأحكام التكليفية الفعلية، كحرمة شرب الفقاع ووجوب الفريضة التي دخل وقتها قبل وفاته، فإن موضوعها وهو فعل المكلف كلي يتعلق الحكم به على شيوعه وعمومه " لا بافراده بعد وجودها، كي لا تكون فعلية قبل وجودها، بل يكون وجودها مسقطا للحكم مع فعليته قبله، فيمكن استصحابه.
ودعوى: أنه لا مجال لاستصحاب الأحكام التكليفية، لان متعلقها وموضوعها كلي قابل للتقييد بحياة المفتي، ومع احتمال تقييده به لا يحرز بقاء الموضوع بعد موته ليستصحب، فمتيقن الحرمة هو شرب الفقاع حال حياة