الخصومة والقضاء إنما تناسب التعليل بتعذر التخيير، لا بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، الحاصلة ارتكازا من العمل بغير حجة الراجع لعدم صلوح كل من المتعارضين ارتكازا للحجية بسبب التعارض حتى في عصر الغيبة.
نعم، لو كان مصب السؤال والجواب هو الترجيح مع المفروغية عن حجية الروايتين في الجملة كان التعليل منصرفا إليه، وكان المراد من الاقتحام في الهلكة الترجيح بلا دليل، فلا تدل إلا على تعذر الترجيح، ولا تنافي التخيير مع إمكانه، كما في غير مورد الخصومة.
لكن لا إشعار في السؤال ولا في الجواب بذلك، بل الظاهر السؤال عن الوظيفة العملية في فرض التعارض، ولو كانت هي التساقط. فلاحظ.
الثاني والثالث: مكاتبتا محمد بن علي بن عيسى وداوود بن فرقد اللتان تقدم الكلام فيهما في أخر نصوص الترجيح المسؤول فيهما عن العلم المنقول عنهم عليهم السلام وأنه قد اختلف فيه فكيف العمل به على اختلافه، وقد تضمنتا أنه كتب عليه السلام: " ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا " (1).
فإن مقتضى إطلاقهما وإن كان هو التوقف حتى عن الترجيح، إلا أنه لا يبعد تقييدهما بنصوص الترجيح، وحملهما على التعادل، كما أشرنا إليه هناك.
ومما سبق في مقبولة ابن حنظلة يتضح أن اختصاصهما بزمن الحضور - لو تم - لا ينفع في رفع التعارض بينهما وبين نصوص التخيير.
الرابع: موثق سماعة المتقدم في نصوص التخيير، حيث سبق تقريب دلالته على التساقط.
لكن سبق تقريب وروده في وظيفة العامي عند اختلاف المجتهدين لا في وظيفة المجتهد عند اختلاف الاخبار.