حجة عليه في مقام التنجيز، فله العمل على كل منهما وليس له الخروج عنهما.
فإن التعبد والحجية وإن كانا نحو نسبة اعتبارية بين المولى والعبد تقتضي التنجيز والتعذير معا بمقتضى إطلاقها، إلا أنه لا يمتنع التفكيك بينهما في مقام الجعل، بأن تتمحض في التعذير فتكون حجة للعبد فقط، أو التنجيز فتكون حجة للمولى كذلك.
كما لا يمتنع الاختلاف بين الامرين سعة وضيقا، كما هو المدعى في المقام، بأن يكون التعذير منوطا بكل من المتعارضين استقلالا، فيجوز اعتماد المكلف عليه، والتنجيز منوطا بمجموعهما فلا يجوز له الخروج عنهما معا، وان جاز له الخروج عن كل منهما مع متابعة الاخر، مع كون الحجية على هذا النحو من التفكيك فعلية غير منوطة باختيار المكلف للحجة ولا بعدم أخذه بغيرها.
ولعل هذا أقرب من الأول ارتكازا في معنى الحجية التخييرية لو دل الدليل عليها، لعدم مناسبة الحجية التي هي من شؤون المولى للتقييد باختيار المكلف ارتكازا. بل الظاهر فعليتها وان لم يختر لغفلته عن المتعارضين أو جهله بثبوت الحجية التخييرية لهما.
وربما يأتي عند الكلام في دلالة الأدلة الخاصة على الحجية التخييرية تمام الكلام في ذلك.
وكيف كان، فحيث كان عموم دليل الحجية ظاهرا في الحجية التعيينية كانت استفادة الحجية التخييرية في المتعارضين بأحد وجهيها منه موقوفة على كون امتناع حجيتهما تعيينا معا قرينة عرفية غلى تنزيله على الحجية التخييرية فيهما، التي هي نحو من التقييد في الحجية.
لكنه غير ظاهر، بل الأقرب عرفا خروج كلا المتعارضين عن الحجية الفعلية مع ثبوت الحجية الاقتضائية لكل منهما الراجعة إلى حجية كل منهما لولا المانع، لان ذلك هو الأنسب بالقياس للحجج العرفية.