سبق، أما على ما ذكره فلعدم تمامية المقتضي في أحدهما، لخروجه موضوعا عن عموم دليلها.
ويشكل: بأن مرجع العلم الاجمالي بكذب أحدهما إلى كون معلوم الكذب هو أحدهما على ما هو عليه من ترديد وإبهام من دون أن ينطبق على كل منهما بخصوصيته، بل كل منهما بخصوصيته محتمل الكذب لا غير.
وبعبارة أخرى: المتصف بالكذب وان كان هو مصداق أحدهما بخصوصيته وواقعه، وهو قابل للجهل والاشتباه، إلا أن معلوم الكذب منهما ليس كذلك، بل هو لا ينطبق على كل منهما بخصوصيته لتعلق العلم الاجمالي بعنوان أحدهما على ما هو عليه من التردد والابهام بنحو لا يقبل الانطباق على كل من الخصوصيتين، كما اعترف قدس سره به في الجملة في مبحث الواجب التخييري، ومن الظاهر أن عموم الحجية إنما يقتضي حجية كل فرد من أفراد الطريق بخصوصيته من دون إبهام وترديد، فلا ينطبق معلوم الكذب إجمالا على شئ من أفراد العام ليمتنع شمول العموم له، وانما ينطبق عليه الكاذب واقعا.
ومجرد الكذب من دون أن يكون معلوما لا يمنع عن الحجية، ليلزم تخصيص عموم الحجية وقصوره عن الفرد المذكور، ويكون المورد من موارد اشتباه الحجة باللاحجة. والا لزم قصور موضوع الاستصحاب عن بعض أطراف العلم الاجمالي وإن لم يكن منجزا - لخروج بعض أطرافه عن محل الابتلاء - مع أنه قدس سره اعترف بتحقق موضوعه فيها مطلقا وان كان منجزا.
ثم إن ما ذكره قدس سره لو تم مختص بما إذا احتمل كذب كلا المتعارضين، أما إذا علم بصدق أحدهما وكذب الاخر فاللازم خروجهما معا عن عموم دليل الحجية، إذ كما يمتنع حجية معلوم الكذب يمتنع حجية معلوم الصدق، فإذا فرض انطباق معلوم الكذب على أحدهما كان معلوم الصدق منطبقا على الاخر، فلا يشملهما العموم معا.