إما لدعوى: أن المراد من الشك والجهل في موضوعها هو عدم الحجة، فيرتفع موضوعها بقيام الطرق أو الامارات بضميمة دليل حجيتها.
أو لدعوى: أن المراد به ما يقابل العلم ولو بالوظيفة الظاهرية، فيرتفع موضوعها بقيامها بضميمة دليل حجيتها أيضا. وكلاهما مخالف للظاهر جدا، بل ظاهر الجهل والشك في موضوع أدلة الأصول الشرعية هو الامر النفسي المقابل للعلم بالواقع، الباقي حتى مع قيام الطرق والامارات وحجيتها، كما سبق نظيره في الاستصحاب.
وانما يتجه الثاني في ما سيق من الأدلة مساق الأصول العقلية ومؤكدا لمفادها وهو خارج عن محل الكلام وقد تقدم توضيح الفرق بين المفادين في أول الكلام في أدلة البراءة.
هذا، والذي ادعاه شيخنا الأعظم قدس سره وجملة ممن تأخر عنه هو حكومة أدلة الطرق والامارات على أدلة الأصول، لرفعها لموضعها تعبدا أو تنزيلا، بسبب تقييد موضوع الأصول شرعا بالشك والجهل، واطلاق موضوع أدلة حجية الطرق والامارات من هذه الجهة. وهي وان كانت قاصرة عن صورة العلم، إلا أن قصورها لما كان عقليا بملاك استحالة جعل الحجية معه، ومختصا بالعلم الوجداني، فلا مجال لفرض الحكومة فيه، لما سبق من عدم جريانها في الأدلة اللبية لتحديد موضوعها بنحو لا يقبل البيان والتفسير، بخلاف تقييد أدلة الأصول بالجهل، فإنه لما كان مستفادا من تقييدها به شرعا في الأدلة اللفظية أمكنت حكومة أدلة الطرق والامارات عليها وبيانها لمفادها.
وقد أشير في كلامهم لتقريب حكومة الطرق والامارات، بدعوى: أنها بضميمة دليل حجيتها تكون رافعة لموضوع الأصول - وهو الجهل - تعبدا أو تنزيلا وان كان باقيا حقيقة، لفرض عدم إفادتها القطع.
وقد سبق أن ذلك موجب للحكومة عندهم، وذكرنا أنه لا يوجب