الكذب بالمعنى الشامل للاشتباه والغفلة بل الوثوق النوعي بثبوت مضامينها في الواقع وتدور حجيتها مدار هذا الوثوق وجودا وعدما حدوثا وبقاء وبناء العقلاء على العمل بالظواهر بما أنه لا يمكن أن يكون جزافا فلا محالة يكون مبنيا على الوثوق النوعي بثبوت مضامينها في الواقع كما هو الحال في بنائهم على العمل بإخبار الثقة.
وبكلمة أن بناء العقلاء على العلم بالظواهر في بابي الإخبار والانشاء ثابت ومرتكز في الأذهان وحيث أنه لا يمكن أن يكون جزافا وبلا نكتة مبررة له فبطبيعة الحال تكون النكتة المبررة له هي إفادة تلك الظواهر الوثوق النوعي بثبوت مضامينها إخبارية كانت أم انشائية وعلى هذا الأساس فحجية الظواهر بمقتضى دليل اعتبارها تدور مدار النكتة المذكورة وجودا وعدما وحيث أنها موجودة في ظواهر الألفاظ في بابي الإخبار والانشاء فتكون مشمولة لدليل حجيتها وهو سيرة العقلاء القطعية الارتكازية ولا فرق في ذلك بين ظهور اللفظ في المدلول المطابقي وظهوره في المدلول الالتزامي فإنه حجة بقيام السيرة عليه فإذا أمر المولى بشئ كصوم يوم الجمعة مثلا فإنه ظاهر في وجوبه مطابقة وفي ثبوت الملاك فيه التزاما وكلا الظهورين حجة ومشمول لدليل الحجة من جهة توفر مداليلها فيهما وهو الوثوق النوعي بمطابقة الواقع وحينئذ فإذا سقط ظهوره في المدلول المطابقي عن الحجية بسبب من الأسباب فلا موجب لسقوط ظهوره في المدلول الالتزامي عنها لأن ملاكها متوفر فيه والمفروض أن شمول دليل الحجية للظاهر يدور مدار توفر ملاكها فيه.
والخلاصة: أن شمول دليل الحجية العام للظاهر منوط بتوفر ملاكها فيه وهو الكاشفية النوعية عن الواقع فطالما يكون هذا الملاك متوفرا فيه فهو مشمول لدليل الحجية وإلا فلا وعلى هذا فإذا فرضنا أن هذا الملاك غير متوفر