الكذب في الإخبار عن المدلول المطابقي لما مر الآن من أن الكذب في الإخبار عن المدلول الالتزامي إنما هو بكذبه في الإخبار عن المدلول المطابقي لا بنفسه ومستقلا كيف فإنه لا وجود له إلا بوجوده وعليه فإذا سقطت أصالة عدم الكذب في الإخبار عن المدلول المطابقي سقطت في الإخبار عن المدلول الالتزامي قهرا وتبعا وهذا معنى أن الدلالة الالتزامية تسقط بسقوط الدلالة المطابقية عن الحجية.
وأما في باب الانشاء فإنه إذا سقط المدلول المطابقي من جهة عدم إرادته في الواقع عن جد فليس في سقوط المدلول الالتزامي مخالفة زائدة على مخالفة سقوط الأول لكي يمكن التمسك بأصالة الظهور فيه وعدم إرادة الخلاف لاثبات عدم سقوطه فإذا كان هناك منشأ واحد لكلتا الدلالتين المطابقية والالتزامية وهو إرادة المولى الانشاء عن جد باعتبار أن إرادة المدلول الالتزامي إنما هي بإرادة المدلول المطابقي بالتبع لا مستقلة فلا يعقل بقاء إرادته مع سقوط إرادة المدلول المطابقي لأنه خلف وعليه فإذا تبين أن المولى لم يرد المدلول المطابقي عن جد فقد سقط كلتا الدلالتين معا بسقوط منشأهما فلا يمكن حينئذ التمسك بأصالة الظهور في شئ منهما نعم لو كان لظهوره في المدلول الالتزامي منشأ آخر لأمكن التمسك به طالما ظل منشأه ثابتا وغير ساقط ولكنه خلف الفرض والجواب أن هذا الوجه أيضا غير تام أما أولا فلأنه لو تم فإنما يتم فيما إذا لم يترتب على المدلول الالتزامي أثر شرعي زائد على ما يترتب على المدلول المطابقي فعندئذ إذا سقطت الدلالة المطابقية من جهة ظهور كذبها فليس في سقوط الدلالة الالتزامية كذب زائد على ما يترتب على سقوط الدلالة المطابقية لكي يتمسك بأصالة عدم الكذب فيها للحفاظ عليها وأما إذا ترتب عليه أثر زائد على ما يترتب على المدلول