الغسل الضرري، أو الصوم والبيع الضرريان، بل الظاهر المفهوم من قوله:
(لا ضرر) - الصادر من الشارع الناظر في مملكة التشريع ودائرة الشريعة - نفي حقيقة الضرر، فإن الضرر وإن كان أمرا تكوينيا غير قابل للرفع والوضع ذاتا، لكن لما كان قابلا للرفع بحسب المنشأ والموجب، وتكون الأحكام الشرعية - التي بإطلاقها موجبة للضرر على العباد - مرفوعة ومحدودة بحدود عدم إيراثها له، يجوز للمتكلم الذي لا يرى إلا مملكة التشريع أن يخبر بعدم الضرر فيها، أو ينشئ عدم الضرر فيها بلسان الاخبار، كما أن سلطان المملكة إذا قلع بقدرته مناشئ الفساد عنها يجوز له الاخبار بان لافساد في المملكة، أو رفع الفساد منها، مع أن الفساد لا يرفع إلا بالمنشأ، فيكون هذا إخبارا عن نفي الفساد ولو بلحاظ المنشأ، ولا يضر بذلك وجود فسادات جزئية، فإن السلطان - بنظره إلى الجهات العمومية والكلية - يجوز له الاخبار بقلع الفساد لقلع مادته، وكذلك الناظر إلى دائرة التشريع لما رأى عدم منشأ للضرر في دائرة تشريعه يجوز له الاخبار، كما يجوز له إنشاء نفي الضرر بلحاظ نفي منشئه.
فتحصل من ذلك: أن قوله: (لا ضرر) - سواء يتقيد بقوله: (في الإسلام)، أم لا! نفي حقيقة الضرر في دائرة التشريع بلحاظ نفي منشئه.
وهكذا الكلام في قوله - تعالى -: * (ما جعل عليكم في الدين من حرج) * (1) فإن الحرج غير قابل لتعلق الجعل به، وكذلك غير قابل للرفع، فعدم جعل الحرج في الدين إنما هو بملاحظة عدم جعل أحكام تكون منشأ للحرج.