الحكومة هو نحو من التعرض لدليل المحكوم بما لا يرجع إلى التصادم الظهوري ولو كان التعرض بالملازمة، فأدلة الأمارات التي لسانها الكشف عن الواقع أو ثبوت الواقع مقدمة على أدلة الأصول بالحكومة - بناء على أخذ الشك في موضوعها - فإن التعبد بالثبوت الواقعي ملازم عرفا لرفع الشك تشريعا فيكون تعرضها لها بالملازمة العرفية، كما أن أدلة الاستصحاب مقدمة على أدلة الأصول، لأن مفادها إطالة عمر اليقين، فيلازم رفع الشك، بل مفادها حصول غاية الأصول، وهو من أظهر موارد الحكومة، بل حكومة الاستصحاب على الأصول أظهر من حكومة الأمارات عليها ولو لم نلتزم بأمارية الاستصحاب، كما هو المعروف بين المتأخرين (1).
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن الحكومة ولو كانت متقومة بنحو من التعرض لدليل المحكوم مما لا يتعرض المحكوم له، لكن هذا التعرض لا يلزم أن يكون بنحو الدلالة اللفظية، وسيأتي - إن شاء الله - التعرض لمعنى الحكومة وأقسامها وافتراقها عن الورود والتخصيص في محله مستقصى (2).
ورابعا: أن ما ذكره من أن لسان أدلة الضرر والحرج هو رفع الحكم بلسان رفع الموضوع ليس في محله إن كان المراد من الموضوع هو المصطلح - أي في مقابل الحكم - فإن الأحكام الشرعية المرفوعة في مورد الضرر ببركة قوله:
(لا ضرر) لا يكون موضوعها الضرر، بل موضوعها الوضوء الضرري، أو