وإن أراد غير ذلك فلا شاهد عليه، لأن الفقهاء بناؤهم على الاحتياط عملا وفتوى، فكيف يدعي أنه أمر مرغوب عنه عندهم؟!
بل التحقيق: أن العمل بالاحتياط مع التمكن من العلم لا مانع منه عقلا ولا شرعا، فضلا عن زمان الانسداد الذي لا يتمكن منه.
هذا كله حال الإجماعات، وقد عرفت أنها مما لا أساس لها أصلا.
وأما لزوم العسر والحرج، بل اختلال النظام، فمحصل الكلام فيه:
أنه إن لزم منه الثاني فلا كلام، فإنه مما حكم العقل بقبحه، وأما إن لزم العسر، ففي بطلان الاحتياط بدليله إشكالان:
أحدهما: ما أفاد بعض أعاظم العصر - على ما في تقريراته - ومبنى إشكاله على تحقق الإجماع على وجوب الجمع بين مجموع المحتملات من حيث المجموع، بحيث يكون الاحتياط حكما خاصا ورد على موضوع خاص، هو المجموع من حيث المجموع، فبعد هذا الإجماع يصير الاحتياط حكما حرجيا، ولا يكون دليل الحرج والضرر حاكما على ما يكون بتمام هويته حرجيا أو ضرريا، كالجهاد والخمس والزكاة، بل أدلة هذه الأحكام مقدمة عليهما بالتخصيص، وإنما أدلتهما حاكمة على ما بإطلاقه أو عمومه يوجب الحرج والضرر (1).
هذا، وقد عرفت ما فيه:
أما أولا: فلعدم أساس للإجماع الذي أدعاه.