بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٥ - الصفحة ٩٧
قلت: يمكن أن يكون الحكم فعليا، بمعنى أنه لو تعلق به القطع - على ما هو عليه من الحال - لتنجز واستحق على مخالفته العقوبة، ومع ذلك لا يجب على الحاكم دفع عذر المكلف، برفع جهله لو أمكن، أو بجعل لزوم الاحتياط عليه فيما أمكن، بل يجوز جعل أصل أو أمارة مؤدية إليه تارة، وإلى ضده أخرى، ولا يكاد يمكن مع القطع به جعل حكم آخر مثله أو ضده، كما لا يخفى (1)،
____________________
(1) توضيحه ببيان أمور: الأول: ان هذا الاشكال لا يختص بالمقام وهو فيما اخذ الظن بالحكم الواقعي موضوعا لحكم آخر مثله أو ضده، بل هو مشترك الورود في الامارات المعتبرة والأصول الجارية في مورد الشك في الحكم الفعلي، كما سيجيء إن شاء الله تعالى التعرض له في مبحث الامارات في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
الثاني: ان الظن المأخوذ موضوعا لحكم مثل الحكم الواقعي أو ضده هو الظن غير المعتبر طريقا إلى الواقع، إذ لو كان هو الظن المعتبر لما كان قسما في قبال الامارات المعتبرة والأصول، وانما كان هذا الظن قسما في قبال الامارات لكونه مأخوذا لمحض الموضوعية للحكم الثاني.
الثالث: ان التماثل والتضاد بين الاحكام انما يكون في الفعلية الحتمية، لوضوح ان البعث الفعلي المنجز في مورد لا يقبل بعثا آخر نحوه أو زجرا عنه فيتماثلان أو يتضادان، اما إذا كان الحكم غير بالغ هذه المرتبة بل كانت فعليته معلقة، فيكون حاله حال الحكم الانشائي مع مثله أو ضده من الحكم الفعلي، وقد عرفت انه لا مانع من اجتماعهما في القطع فضلا عن الظن.
الرابع: ان الحكم لابد ان يكون منبعثا عن مصلحة ملزمة، ولكنها تارة: تكون مما يجب ايصالها وأن يكون المولى بصدد ايصالها، لأنها تكون من الالزام بحد تدعو المولى إلى ايصالها اما بالعلم أو بإقامة الحجة عليها أو بالاحتياط في موردها، وهذه هي المرتبة التي يكون الحكم فيها فعليا حتميا.
(٩٧)
مفاتيح البحث: الجهل (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 96 97 99 100 101 102 104 ... » »»
الفهرست