معروف العدالة بين المسلمين، ساترا لجميع عيوبه عليهم، فيظهرونها على من احتاج إلى المعرفة، ففيه - مضافا إلى ما قلنا من الحصول بالشهادة أيضا - أنها تحصل بالمعاشرة أيضا، بل هي أقوى الطرق، بل المعرفة إنما تحصل من المعاشرة معاشرة المحتاج، أو الشهود الماهرين له.
مع أن السائل إن كان يعرف ماهية العدالة، لكن لا يعرف كيفية الثبوت، فكان يكفي أن يجاب بأن المثبت هو شهادة المسلمين.
وإن كان لا يعرف الماهية وكان يسأل عنها، فكيف يناسبه أن يجاب بأن يعرفه المسلمون بكذا وكذا؟ إذ يظهر منها كون معرفة المسلمين لها مدخلية في العدالة، ولا شك في فساده، ولم يعتبر أحد في العادل، أن يكون عادلا عند المسلمين، بل المعتبر - مثلا - حال القاضي، فلو كان عادلا عنده كفى في قبول شهادته وإن لم يكن عند غيره عادلا، بل ولو كان عند غيره فاسقا لكن لم يبلغه، أو بلغه بعد حكمه، أو حكمه بها قبل البلوغ، كان صحيحا بظاهر الشرع، أو بلغه قبل الحكم لكن لم يعتن به لعدم عدالة المبلغ، أو لغير ذلك، حتى أنه لو ترجح عنده شهود التعديل أو بنى على أن التعديل مقدم يصح قوله.
وبالجملة، لا يشترط في العادل أن لا يظهر فسقه على أحد، فضلا عن أن يكون عادلا عندهم حتى عند القائل بالملكة، لأن هذه الملكة مثل سائر الملكات في عدم استحالة التخلف، وليست مرتبة العصمة ولا يشترط تحصيل القطع بعدم الفسق، بل يكفي الظن كما سيجئ، وإن كان ظن الملكة أقوى.
وأيضا، يجوز أن يفسق الشاهد وفاقا ويتوب، فتقبل شهادته، كما سيجئ.
وإن أريد أن المراد من المسلمين في الحديث آحاد من احتاج إلى الشهادة