وإن العين لو كانت مال الغاصب ما كنت أستأجر منه، وإني استأجرت منك لعدم كراهتي من الأخذ منك، فعلى هذا التقدير - أيضا - لعله له اختيار الفسخ، فتأمل.
والحاصل، أن الإطلاق كما ينصرف إلى الصحيح فيختار الفسخ لو خرج معيبا، كذا ينصرف إلى أن يكون المعطي والمسلم هو المؤجر بنفسه أو بوكيله أو عبده أو الأجنبي، على فرض كونه أيضا داخلا في المعهود الغالب إن أعطى، لا أن يكون بيد غاصب سابقا على العقد، أو لاحقا عليه ولما يقبض.
نعم، بعد القبض أخذ الحق منه وخرج المؤجر عن العهدة، لأن وجوب الإعطاء الذي يفهم من عقده وعهده وشرطه لا يزيد على إعطاء العين بحيث يمكن الانتفاع بها، أو إعطاء منفعتها بتسليم العين إليه بلا مانع، أما إعطاء جميع المنافع من أول المدة إلى آخرها بتسليم العين وكونها عنده خالية عن الموانع في جميع المدة، فلا، فتأمل جدا!.
قوله: فيطالب [المالك] الظالم بالعين المنتفع بها، ويأخذ أجرة المثل.. إلى آخره (1).
مقتضى العبارة أنه ليس له الرجوع على المؤجر بمطالبة العين ولا أجرة المثل.
أما الثاني، فظاهر، لأن حقه وملكه ليس إلا المنفعة وقد استوفاها الغاصب، ولم يترتب عليه يد المؤجر حتى يكون للمستأجر تسلط الرجوع إليه أيضا، وإن كان قرار الضمان على الغاصب، كما هو الحكم في غصب الأعيان.
وأما الأول، فلعله مبني على عدم تمكن المؤجر من الأخذ من الغاصب، إذ لو كان متمكنا لما غصب منه، والمفروض أنه غصب منه.