إليه بأسرارهم لأنها كانت بنت جنية، وقيل خافوا أن يولد له منها ولد فيجتمع له فطنة الجن والإنس فيخرجون من ملك سليمان إلى ملك هو أشد، فقالوا إن في عقلها نقصانا وإنها شعراء الساقين ورجلها كحافر حمار فاختبر سليمان عقلها بتنكير العرش، واتخذ الصرح ليتعرف ساقها، ومعلوم من حال الزجاج الصافي أنه يكون كالماء فلما أبصرت ذلك ظنته ماءا راكدا فكشفت عن ساقيها لتخوضه، فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما، وهذا على طريقة من يقول تزوجها، وقال آخرون كان المقصود من الصرح تهويل المجلس وتعظيمه، وحصل كشف الساق على سبيل التبع، فلما قيل لها هو صرح ممرد من قوارير استترت، وعجبت من ذلك واستدلت به على التوحيد والنبوة، فقالت: * (رب إني ظلمت نفسي) * فيما تقدم بالثبات على الكفر ثم قالت: * (وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) * وقيل حسبت أن سليمان عليه السلام يغرقها في اللجة، فقالت ظلمت نفسي بسوء ظني سليمان، واختلفوا في أنه هل تزوجها أم لا، وأنه تزوجها في هذه الحال أو قبل أن كشفت عن ساقيها، والأظهر في كلام الناس أنه تزوجها، وليس لذلك ذكر في الكتاب، ولا في خبر مقطوع بصحته، ويروى عن ابن عباس أنها لما أسلمت قال لها اختاري من قومك من أزوجك منه فقالت مثلي لا ينكح الرجال مع سلطاني، فقال النكاح من الإسلام، فقالت إن كان كذلك فزوجني ذا تبع ملك همدان فزوجها إياه ثم ردهما إلى اليمن، ولم يزل بها ملكا والله أعلم. القصة الثالثة - قصة صالح عليه السلام قوله تعالى * (ولقد أرسلنآ إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون * قال ياقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون * وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الارض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون *
(٢٠١)