سورة الشعراء مكية إلا أربع آيات فإنها مدنية وهي * (والشعراء يتبعهم الغاوون) * إلى آخرها وهي مايتان أو ست أو سبع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم * (طسم * تلك ءايات الكتاب المبين * لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين * إن نشأ ننزل عليهم من السمآء ءاية فظلت أعناقهم لها خاضعين) *.
الطاء إشارة إلى طرب قلوب العارفين، والسين سرور المحبين، والميم مناجاة المريدين، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ قتادة * (باخع نفسك) * على الإضافة، وقرئ * (فظلت أعناقهم لها خاضعة) *.
المسألة الثانية: البخع أن يبلغ بالذبح البخاع، وهو الخرم النافذ في ثقب الفقرات وذلك أقصى حد الذابح، ولعل للإشفاق.
المسألة الثالثة: قوله: * (طسم تلك آيات الكتاب المبين) * معناه: آيات هذه السورة تلك آيات الكتاب المبين، وتمام تقريره ما مر في قوله تعالى: * (ذلك الكتاب) * (البقرة: 2) ولا شبهة في أن المراد بالكتاب هو القرآن والمبين وإن كان في الحقيقة هو المتكلم فقد يضاف إلى الكلام من حيث يتبين به عند النظر فيه، فإن قيل القوم لما كانوا كفارا فكيف تكون آيات القرآن مبينة لهم ما يلزمهم، وإنما يتبين بذلك الأحكام؟ قلنا ألفاظ القرآن من حيث تعذر عليهم أن يأتوا بمثله يمكن أن يستدل به على فاعل مخالف لهم كما يستدل بسائر ما لا يقدر العباد على مثله، فهو دليل التوحيد من هذا الوجه ودليل النبوة من حيث الإعجاز، ويعلم به بعد ذلك أنه إذا كان من عند الله