الأولين) * (الشعراء: 26) ثم قال: * (رب المشرق والمغرب) * فلم كان الأمر ههنا بالعكس فقدم خبء السماوات على خبء الأرض؟ جوابه: أن إبراهيم وموسى عليهما السلام ناظرا مع من ادعى إلهية البشر، فلا جرم ابتدأ بإبطال إلهية البشر ثم انتقلا إلى إبطال إلهية السماوات، وههنا المناظرة مع من ادعى إلهية الشمس لقوله: * (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) * فلا جرم ابتدأ بذكر السماويات ثم بالأرضيات.
أما قوله: * (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) * فالمراد منه أنه سبحانه لما بين افتقار السماوات والأرض وما بينهما إلى المدبر ذكر بعد ذلك أن ما هو أعظم الأجسام فهي مخلوقة ومربوبة وذلك يدل على أنه سبحانه هو المنتهى في القدرة والربوبية إلى ما لا يزيد عليه والله أعلم.
المسألة الرابعة: قيل من * (أحطت) * إلى * (العظيم) * كلام الهدهد وقيل كلام رب العزة.
المسألة الخامسة: الحق أن سجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعا وهو قول الشافعي وأبي حنيفة رحمة الله عليهما لأنهم أجمعوا على أن سجدات القرآن أربع عشرة سجدة، وهذا واحد منها ولأن مواضع السجدة إما أمر بها أو مدح لمن أتى بها أو ذم لمن تركها، وإحدى القراءتين أمر بالسجود والأخرى ذم للتارك فثبت أن الذي ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد غير ملتفت إليه.
المسألة السادسة: يقال هل يفرق الواقف بين القراءتين؟ جوابه: نعم إذا خفف وقف على * (فهم لا يهتدون) * (النمل: 24) ثم ابتدأ بألا يسجدوا وإن شاء وقف على ألا يا ثم ابتدأ اسجدوا وإذا شدد لم يقف إلا على (العرش العظيم).
أما قوله: * (سننظر) * فمن النظر الذي هو التأمل، وأراد صدقت أم كذبت إلا أن * (أم كنت من الكاذبين) * أبلغ، لأنه إذا كان معروفا بالكذب كان متهما بالكذب فيما أخبر به فلم يوثق به، وإنما قال: * (فألقه إليهم) * على لفظ الجمع لأنه قال: * (وجدتها وقومها يسجدون للشمس) * (النمل: 24) فقال: * (فألقه إليهم) * أي إلى الذين هذا دينهم.
أما قوله: * (ثم تول عنهم) * أي تنح عنهم إلى مكان قريب تتوارى فيه ليكون ما يقولونه بمسمع منك و * (يرجعون) * من قوله تعالى: * (يرجع بعضهم إلى بعض القول) * (سبأ: 30) ويقال دخل عليها من كوة وألقى إليها الكتاب وتوارى في الكوة.
قوله تعالى * (قالت ياأيها الملأ إنى ألقى إلى كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن