قوله: * (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) * (القصص: 20) وأما الامتنان فمنه وحده وكذلك التعبيد، فإن قلت: * (تلك) * إشارة إلى ماذا و * (أن عبدت) * ما محلها من الإعراب؟ قلت: (تلك) إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة لا يدرى ما هي إلا بتفسيرها وهي * (أن عبدت) * فإن * (أن عبدت) * عطف بيان ونظيره قوله تعالى: * (وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين) * (الحجر: 66) والمعنى تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها علي، وقال الزجاج: ويحوز أن يكون (أن) في موضع نصب، والمعنى إنما صارت نعمة علي، لأن عبدت بني إسرائيل أي لو لم تفعل ذلك لكفاني أهلي.
قوله تعالى * (قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السماوات والارض وما بينهمآ إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب ءابآئكم الاولين * قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهمآ إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك بشىء مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين) *.
اعلم أن فرعون لم يقل لموسى * (وما رب العالمين) *، إلا وقد دعاه موسى إلى طاعة رب العالمين، يبين ذلك ما تقدم من قوله: * (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) * (الشعراء: 16) فلا بد عند دخولهما عليه أنهما قالا ذلك، فعند ذلك قال فرعون: * (وما رب العالمين) * ثم ههنا بحثان:
الأول: أن فرعون يحتمل أن يقال إنه كان عارفا بالله، ولكنه قال ما قال طلبا للملك والرياسة، وقد ذكر الله تعالى في كتابه ما يدل على أنه كان عارفا بالله، وهو قوله: * (قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض) * (الإسراء: 102) فإذا قرىء بفتح التاء من * (علمت) * فالمراد أن فرعون علم ذلك، وذلك يدل على أنه كان عارفا بالله، لكنه كان يستأكل قومه بما يظهره من