والبهجة الحسن، لأن الناظر يبتهج به * (أإله مع الله) * أغيره يقرن به ويجعل شريكا له وقرئ * (أإلها مع الله) * بمعنى (تدعون أو تشركون).
المسألة الثانية: أنه تعالى بين أنه الذي اختص بأن خلق السماوات والأرض، وجعل السماء مكانا للماء، والأرض للنبات، وذكر أعظم النعم وهي الحدائق ذات البهجة، ونبه تعالى على أن هذا الإنبات في الحدائق لا يقدر عليه إلا الله تعالى، لأن أحدنا لو قدر عليه لما احتاج إلى غرس ومصابرة على ظهور الثمرة وإذا كان تعالى هو المختص بهذا الإنعام وجب أن يخص بالعبادة، ثم قال: * (بل هم قوم يعدلون) * وقد اختلفوا فيه فقيل يعدلون عن هذا الحق الظاهر وقيل، يعدلون بالله سواه ونظير هذه الآية أول سورة الإنعام.
المسألة الثالثة: يقال ما حكمة الالتفات في قوله: * (فأنبتنا) *؟ جوابه: أنه لا شبهة للعاقل في أن خالق السماوات والأرض ومنزل الماء من السماء ليس إلا الله تعالى، وربما عرضت الشبهة في أن منبت الشجرة هو الإنسان، فإن الإنسان يقول أنا الذي ألقى البذر في الأرض الحرة وأسقيها الماء وأسعى في تشميسها، وفاعل السبب فاعل للمسبب، فإذن أنا المنبت للشجرة فلما كان هذا الاحتمال قائما، لا جرم أزال هذا الاحتمال فرجع من لفظ الغيبة إلى قوله: * (فأنبتنا) * وقال: * (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) * لأن الإنسان قد يأتي بالبذر والسقي والكرب والتشميس ثم لا يأتي على وفق مراده والذي يقع على وفق مراده فإنه يكون جاهلا بطبعه ومقداره وكيفيته فكيف يكون فاعلا لها، فلهذه النكتة حسن الالتفات ههنا.
النوع الثاني - ما يتعلق بالأرض قوله تعالى * (أمن جعل الارض قرارا وجعل خلالهآ أنهارا وجعل لها رواسى وجعل بين البحرين حاجزا أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون) *.
قال صاحب " الكشاف " * (أمن جعل) * وما بعده بدل من * (أمن خلق) * (النمل: 6) فكان (حكمها) حكمه.
واعلم أنه تعالى ذكر من منافع الأرض أمورا أربعة:
المنفعة الأولى: كونها قرارا وذلك لوجوه: الأول: أنه دحاها وسواها للاستقرار الثاني: أنه تعالى جعلها متوسطة في الصلابة والرخاوة فليست في الصلابة كالحجر الذي يتألم الإنسان بالاضطجاع عليه وليست في الرخاوة كالماء الذي يغوص فيه الثالث: أنه تعالى جعلها كثيفة