وقوله: * (إنه كان من المفسدين) * يدل على أن ذلك القتل ما حصل منه إلا الفساد، وأنه لا أثر له في دفع قضاء الله تعالى.
أما قوله: * (ونريد أن نمن) * فهو جملة معطوفة على قوله: * (إن فرعون علا في الأرض) * لأنها نظيرة تلك في وقوعها تفسيرا لنبأ موسى عليه السلام وفرعون واقتصاصا له، واللفظ في قوله: * (ونريد) * للاستقبال ولكن أريد به حكاية حال ماضية ويجوز أن يكون حالا من * (يستضعف) * أي يستضعفهم فرعون ونحن نريد أن نمن عليهم، فإن قيل كيف يجتمع استضعافهم وإرادة الله تعالى المن عليهم وإذا أراد الله شيئا كان ولم يتوقف إلى وقت آخر؟ قلنا لما كان منة الله عليهم بتخليصهم من فرعون قريبة الوقوع جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم.
أما قوله: * (ونجعلهم أئمة) * أي متقدمين في الدنيا والدين وعن مجاهد دعاة إلى الخير وعن قتادة ولاة كقوله: * (وجعلكم ملوكا) * (المائدة: 20)، * (ونجعلهم الوارثين) * يعني لملك فرعون وأرضه وما في يده.
أما قوله: * (ونمكن لهم في الأرض) * فاعلم أنه يقال مكن له إذا جعل له مكانا يقعد عليه (أو يرقد) فوطأه ومهده، ونظيره أرض له ومعنى التمكين لهم في الأرض وهي أرض مصر والشام أن ينفذ أمرهم ويطلق أيديهم وقوله: * (ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) * قرىء * (ويرى فرعون وهامان وجنودهما) * أي يرون منهم ما كانوا خائفين منه من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود بني إسرائيل.
قوله تعالى * (وأوحينآ إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه فى اليم ولا تخافى ولا تحزنى إنا رآدوه إليك وجاعلوه من المرسلين * فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين * وقالت امرأت فرعون قرة عين لى ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون) *.