السؤال الأول: ما فائدة هذا التكرير؟ الجواب: من وجهين: الأول: أن هذا ليس بتكرير لأن الأول لما كان في تلك الخصال بين تعالى أن جميع الذنوب بمنزلتها في صحة التوبة منها الثاني: أن التوبة الأولى رجوع عن الشرك والمعاصي، والتوبة الثانية رجوع إلى الله تعالى للجزاء والمكافأة كقوله تعالى: * (عليه توكلت وإليه متاب) * (الرعد: 30) أي مرجعي.
السؤال الثاني: هل تكون التوبة إلا إلى الله تعالى فما فائدة قوله: * (فإنه يتوب إلى الله متابا) *؟ الجواب: من وجوه: الأول: ما تقدم من أن التوبة الأولى الرجوع عن المعصية والثانية الرجوع إلى حكم الله تعالى وثوابه الثاني: معناه أن من تاب إلى الله فقد أتى بتوبة مرضية لله مكفرة للذنوب محصلة للثواب العظيم الثالث: قوله: * (ومن تاب) * يرجع إلى الماضي فإنه سبحانه ذكر أن من أتى بهذه التوبة في الماضي على سبيل الإخلاص فقد وعده بأنه سيوفقه للتوبة في المستقبل، وهذا من أعظم البشارات.
الصفة السابعة قوله تعالى * (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: الزور يحتمل إقامة الشهادة الباطلة، ويكون المعنى أنهم لا يشهدون شهادة الزور فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ويحتمل حضور مواضع الكذب كقوله تعالى: * (فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) * (الأنعام: 68) ويحتمل حضور كل موضع يجري فيه ما لا ينبغي ويدخل فيه أعياد المشركين ومجامع الفساق، لأن من خالط أهل الشر ونظر إلى أفعالهم وحضر مجامعهم فقد شاركهم في تلك المعصية، لأن الحضور والنظر دليل الرضا به، بل هو سبب لوجوده والزيادة فيه، لأن الذي حملهم على فعله استحسان النظارة ورغبتهم في النظر إليه، وقال ابن عباس رضي الله عنهما المراد مجالس الزور التي يقولون فيها الزور على الله تعالى وعلى رسوله، وقال محمد بن الحنفية الزور الغناء، واعلم أن كل هذه الوجوه محتملة ولكن استعماله في الكذب أكثر.
المسألة الثانية: الأصح أن اللغو كل ما يجب أن يلغى ويترك، ومنهم من فسر اللغو بكل ما ليس بطاعة، وهو ضعيف لأن المباحات لا تعد لغوا فقوله: * (وإذا مروا باللغو) * أي بأهل اللغو.
المسألة الثالثة: لا شبهة في أن قوله: * (مروا كراما) * معناه أنهم يكرمون أنفسهم عن مثل حال اللغو وإكرامهم لها لا يكون إلا بالإعراض وبالإنكار وبترك المعاونة والمساعدة، ويدخل فيه الشرك واللغو في القرآن وشتم الرسول، والخوض فيما لا ينبغي وأصل الكلمة من قولهم ناقة كريمة إذا كانت تعرض عند الحلب تكرما، كأنها لا تبالي بما يحلب منها للغزارة،