المسألة الثانية: احتج الكعبي به على أن الله تعالى يقبل حجة العباد وليس الأمر كما يقوله أهل السنة من أنه تعالى لا يقبل الحجة وظهر بهذا أنه ليس المراد من قوله: * (لا يسأل عما يفعل) * (الأنبياء: 23) ما يظنه أهل السنة، وإذا ثبت أنه يقبل الحجة وجب أن لا يكون فعل العبد بخلق الله تعالى وإلا لكان للكافر أعظم حجة على الله تعالى.
المسألة الثالثة: قال القاضي: فيه إبطال القول بالجبر من جهات: إحداها: أن اتباعهم وإيمانهم موقوف على أن يخلق الله ذلك فيهم سواء أرسل الرسول إليهم أم لا وثانيتها: أنه إذا خلق القدرة على ذلك فيهم وجب سواء أرسل الرسول أم لا وثالثتها: إذا أراد ذلك وجب أرسل الرسول إليهم أم لا، فأي فائدة في قولهم هذا لو كانت أفعالهم خلقا لله تعالى؟ فيقال للقاضي هب أنك نازعت في الخلق والإرادة ولكنك وافقت في العلم فإذا علم الكفر منهم فهل يجب أم لا، فإن لم يجب أمكن أن لا يوجد الكفر مع حصول العلم بالكفر وذلك جمع بين الضدين وإن وجب لزمك ما أوردته علينا، واعلم أن الكلام وإن كان قويا حسنا إلا أنه إذا توجه عليه النقض الذي لا محيص عنه، فكيف يرضى العاقل بأن يعول عليه؟
قوله تعالى * (فلما جآءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتى مثل مآ أوتى موسى أو لم يكفروا بمآ أوتى موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون * قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهمآ أتبعه إن كنتم صادقين * فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين * ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون * الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا ءامنا به إنه