وقال سعيد بن جبير: إن الله تعالى إذا أخذ في فصل القضاء قضى بينهم بقدر ما بين صلاة الغداة إلى انتصاف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار. وقال مقاتل: يخفف الحساب على أهل الجنة حتى يكون بمقدار نصف يوم من أيام الدنيا، ثم يقيلون من يومهم ذلك في الجنة.
السؤال الثالث: كيف يصح القيلولة في الجنة والنار، وعندكم أن أهل الجنة في الآخرة لا ينامون، وأهل النار أبدا في عذاب يعرفونه، وأهل الجنة في نعيم يعرفونه؟ والجواب: قال الله تعالى: * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) * (مريم: 62) وليس في الجنة بكرة وعشى، لقوله تعالى: * (لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا) * (الإنسان: 13) ولأنه إذا لم يكن هناك شمس لم يكن هناك نصف النهار ولا وقت القيلولة، بل المراد منه بيان أن ذلك الموضع أطيب المواضع وأحسنها، كما أن موضع القيلولة يكون أطيب المواضع والله أعلم.
قوله تعالى * (ويوم تشقق السمآء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا * الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا * ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا * ياويلتا ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جآءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا) *.
اعلم أن هذا الكلام مبني على ما استدعوه من إنزال الملائكة فبين سبحانه أنه يحصل ذلك في يوم له صفات:
الصفة الأولى: أن في ذلك اليوم تشقق السماء بالغمام، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (إذا السماء انفطرت) * (الانفطار: 1) يدل على التشقق وقوله: * (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) * (البقرة: 210) يدل على الغمام فقوله: * (تشقق السماء بالغمام) * جامع لمعنى الآيتين ونظيره قوله تعالى: * (وفتحت السماء فكانت أبوابا) * (النبأ: 19) وقوله: * (فهي يومئذ واهية) * (الحاقة: 16).