سبحانه خص البيع بالذكر لأنه في الإلهاء أدخل، لأن الربح الحاصل في البيع يقين ناجز، والربح الحاصل في الشراء شك مستقبل الثاني: أن البيع يقتضي تبديل العرض بالنقد، والشراء بالعكس والرغبة في تحصيل النقد أكثر من العكس الثالث: قال الفراء: التجارة لأهل الجلب، يقال: أتجر فلان في كذا إذا جلبه من غير بلده، والبيع ما باعه على يديه.
السؤال الثاني: لم خص الرجال بالذكر؟ والجواب: لأن النساء لسن من أهل التجارات أو الجماعات.
المسألة التاسعة: اختلفوا في المراد بذكر الله تعالى، فقال قوم: المراد الثناء على الله تعالى والدعوات، وقال آخرون: المراد الصلوات، فإن قيل فما معنى قوله: * (وإقام الصلاة) *؟ قلنا عنه جوابان: أحدهما: قال ابن عباس رضي الله عنهما المراد بإقام الصلاة إقامتها لمواقيتها والثاني: يجوز أن يكون قوله: * (وإقام الصلاة) * (البقرة: 3) تفسيرا لذكر الله فهم يذكرون الله قبل الصلاة وفي الصلاة.
المسألة العاشرة: قد ذكرنا في أول تفسير سورة البقرة في قوله: * (ويقيمون الصلاة) * أن إقام الصلاة هو القيام بحقها على شروطها، والوجه في حذف الهاء ما قاله الزجاج، يقال أقمت الصلاة إقامة وكان الأصل إقواما، ولكن قلبت الواو ألفا فاجتمع ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين فبقي أقمت الصلاة إقاما، فأدخلت الهاء عوضا من المحذوف وقامت الإضافة ههنا في التعويض مقام الهاء المحذوفة، قال وهذا إجماع من النحويين.
المسألة الحادية عشرة: اختلفوا في الصلاة فمنهم من قال هي الفرائض، ومنهم من أدخل فيه النقل على ما حكيناه في صلاة الضحى عن ابن عباس، والأول أقرب لأنه إلى التعريف أقرب وكذلك القول في الزكاة أن المراد المفروض لأنه المعروف في الشرع المسمى بذلك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما المراد من الزكاة طاعة الله تعالى والإخلاص، وكذا في قوله: * (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة) * (مريم: 55) وقوله: * (ما زكى منكم من أحد) * (النور: 21) وقوله: * (تطهرهم وتزكيهم بها) * (التوبة: 103) وهذا ضعيف لما تقدم ولأنه تعالى علق الزكاة بالإيتاء، وهذا لا يحمل إلا على ما يعطى من حقوق المال.
المسألة الثانية عشرة: أنه سبحانه بين أن هؤلاء الرجال وإن تعبدوا بذكر الله والطاعات فإنهم مع ذلك موصوفون بالوجل والخوف فقال: * (يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) * وذلك الخوف إنما كان لعلمهم بأنهم ما عبدوا الله حق عبادته. واختلفوا في المراد بتقلب القلوب والأبصار على أقوال: فالقول الأول أن القلوب تضطرب من الهول والفزع وتشخص الأبصار لقوله: * (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر) * (الأحزاب: 10) الثاني: أنها تتغير أحوالها فتفقه القلوب بعد أن كانت مطبوعا عليها لا تفقه وتبصر الأبصار بعد أن كانت لا تبصر، فكأنهم انقلبوا من الشك إلى الظن، ومن الظن إلى اليقين، ومن اليقين إلى المعاينة، لقوله: * (وبدا لهم من الله ما لم