ولكن الأولى) أن لا نقدر فاعلا لأن ألقى بمعنى خر وسقط.
أما قوله: * (رب موسى وهارون) * فهو عطف بيان لرب العالمين لأن فرعون كان يدعي الربوبية فأرادوا عزله ومعنى إضافته إليهما في ذلك المقام أنه الذي دعا موسى وهارون عليهما السلام إليه.
قوله تعالى * (قال ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم إنه لكبيركم الذى علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم أجمعين * قالوا لا ضير إنآ إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانآ أن كنآ أول المؤمنين) *.
اعلم أنهم لما آمنوا بأجمعهم لم يأمن فرعون أن يقول الناس إن هؤلاء السحرة على كثرتهم وتظاهرهم لم يؤمنوا إلا عن معرفة بصحة أمر موسى عليه السلام فيسلكون مثل طريقهم فلبس على القوم وبالغ في التنفير عن موسى عليه السلام من وجوه: أولها: قوله: * (آمنتم له قبل أن آذن لكم) * وهذا فيه إيهام أن مسارعتكم إلى الإيمان به دالة على أنكم كنتم مائلين إليه، وذلك يطرق التهمة إليهم فلعلهم قصروا في السحر حياله وثانيها: قوله: * (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر) * وهذا تصريح بما رمز به أولا، وغرضه منه أنهم فعلوا ذلك عن مواطأة بينهم وبين موسى عليه السلام وقصروا في السحر ليظهر أمر موسى عليه السلام، وإلا ففي قوة السحرة أن يفعلوا مثل ما فعل موسى عليه السلام، وهذه شبهة قوية في تنفير من يقبل قوله وثالثها: قوله: * (فلسوف تعلمون) * وهو وعيد مطلق وتهديد شديد ورابعها: قوله: * (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين) * وهذا هو الوعيد المفصل وقطع اليد والرجل من خلاف هو قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى والصلب معلوم، وليس في الإهلاك أقوى من ذلك وليس في الآية أنه فعل ذلك أو لم يفعل، ثم إنه أجابوا عن هذه الكلمات من وجهين: الأول: قولهم: * (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون) * الضر والضير واحد، وليس المراد أن ذلك إن وقع لم يضر وإنما عنوا بالإضافة إلى ما عرفوه من دار الجزاء.
واعلم أن قولهم: * (إنا إلى ربنا منقلبون) * فيه نكتة شريفة وهي أنهم قد بلغوا في حب الله