منه خيرا * (أو نتخذه ولدا) * لأنه أهل للتبني.
أما قوله: * (وهم لا يشعرون) * فأكثر المفسرين على أنه ابتداء كلام من الله تعالى أي لا يشعرون أن هلاكهم بسببه وعلى يده، وهذا قول مجاهد وقتادة والضحاك ومقاتل، وقال ابن عباس يريد لا يشعرون إلى ماذا يصير أمر موسى عليه السلام. وقال آخرون هذا من تمام كلام المرأة أي لا يشعر بنو إسرائيل وأهل مصر أن التقطناه، وهذا قول الكلبي.
قوله تعالى * (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين * وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون) *.
ذكروا في قوله: * (فؤاد أم موسى فارغا) * وجوها: أحدها: قال الحسن فارغا من كل هم إلا من هم موسى عليه السلام وثانيها: قال أبو مسلم فراغ الفؤاد هو الخوف والإشفاق كقوله: * (وأفئدتهم هواء) * (إبراهيم: 43)، وثالثها: قال صاحب " الكشاف " فارغا صفرا من العقل، والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والخوف ورابعها: قال الحسن ومحمد بن إسحاق فارغا من الوحي الذي أوحينا إليها أن ألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك فجاءها الشيطان فقال لها كرهت أن يقتل فرعون ولدك فيكون لك أجر فتوليت إهلاكه، ولما أتاها خبر موسى عليه السلام أنه وقع في يد فرعون فأنساها عظم البلاء ما كان من عهد الله إليها، وخامسها: قال أبو عبيدة: فارغا من الحزن لعلمها بأنه لا يقتل اعتمادا على تكفل الله بمصلحته قال ابن قتيبة: وهذا من العجائب كيف يكون فؤادها فارغا من الحزن والله تعالى يقول: * (لولا أن ربطنا على قلبها) * وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون، ويمكن أن يجاب عنه بأنه لا يمتنع أنها لشدة ثقتها بوعد الله لم تخف عند إظهار اسمه، وأيقنت أنها وإن أظهرت فإنه يسلم لأجل ذلك الوعد إلا أنه كان في المعلوم أن الإظهار يضر فربط الله على قلبها، ويحتمل قوله: * (إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها) * بالوحي فأمنت وزال عن قلبها الحزن، فعلى هذا الوجه يصح أن يتأول على أن قلبها سلم من الحزن على موسى أصلا، وفيه وجه ثالث: وهو أنها سمعت أن امرأة فرعون عطفت عليه وتبنته إن كادت لتبدي به بأنه ولدها لأنها لم تملك نفسها فرحا بما سمعت، لولا أن سكنا ما بها من شدة الفرح والابتهاج * (لتكون من المؤمنين) * الواثقين