فيدمغه فإذا هو زاهق) * (الأنبياء: 18) وبين أن الذي يأتي به أحسن تفسيرا لأجل ما فيه من المزية في البيان والظهور، ولما كان التفسير هو الكشف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه، فقالوا تفسير هذا الكلام كيت وكيت كما قيل معناه كذا وكذا.
أما قوله: * (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يحشر الناس على ثلاثة أصناف صنف على الدواب وصنف على الأقدام وصنف على الوجوه " وعنه عليه السلام: " إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن مشيهم على وجوههم ".
المسألة الثانية: الأقرب أنه صفة للقوم الذين أوردوا هذه الأسئلة على سبيل التعنت، وإن كان غيرهم من أهل النار يدخل معهم.
المسألة الثالثة: حمله بعضهم على أنهم يمشون في الآخرة مقلوبين، وجوههم إلى القرار وأرجلهم إلى فوق، روي ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم وقال آخرون المراد أنهم يحشرون ويسحبون على وجوههم، وهذا أيضا مروي عن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أولى، وقال الصوفية: الذين تعلقت قلوبهم بما سوى الله فإذا ماتوا بقي ذلك التعلق فعبر عن تلك الحالة بأنهم يحشرون على وجوههم إلى جهنم، ثم بين تعالى أنهم شر مكانا من أهل الجنة وأضل سبيلا وطريقا، والمقصود منه الزجر عن طريقهم والسؤال عليه كما ذكرناه على قوله: * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) * (الفرقان: 24) وقد تقدم الجواب عنه.
واعلم أنه تعالى بعد أن تكلم في التوحيد ونفي الأنداد وإثبات النبوة والجواب عن شبهات المنكرين لها وفي أحوال القيامة شرع في ذكر القصص على السنة المعلومة. القصة الأولى - قصة موسى عليه السلام قوله تعالى * (ولقد ءاتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا * فقلنا اذهبآ إلى القوم الذين كذبوا باياتنا فدمرناهم تدميرا) *.
اعلم أنه تعالى لما قال: * (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا) * (الفرقان: 31) أتبعه بذكر جماعة من الأنبياء وعرفه بما نزل بمن كذب من أممهم فقال: * (ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا) * والمعنى: لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، فقد آتينا موسى التوراة وقوينا عضده بأخيه هارون ومع ذلك فقد رد، وفيه مسائل: