وفالق وخالق فإذا قيل: * (فالق الإصباح وجعل الليل سكنا) * (الأنعام: 96) صار مدحا، وأما الاسم الذي يكون مدحا فمنه ما إذا قرن بغيره صار أبلغ نحو قولنا: حي فإذا قيل الحي القيوم أو الحي الذي لا يموت كان أبلغ وأيضا قولنا بديع فإنك إذا قلت بديع السماوات والأرض ازداد المدح، ومن هذا الباب ما كان اسم مدح ولكن لا يجوز إفراده كقولك: دليل. وكاشف فإذا قيل: يا دليل المتحيرين، ويا كاشف الضر والبلوى جاز، ومنه ما يكون اسم مدح مفردا أو مقرونا كقولنا الرحمن الرحيم.
البحث الخامس: من الأسماء ما يكون مقارنتها أحسن كقولك الأول الآخر المبدئ المعيد الظاهر الباطن ومثاله قوله تعالى في حكاية قول المسيح: * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * (المائدة: 118) وبقية الأبحاث قد تقدمت في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم. البحث السادس: في النكت (أولها) رأى بشر الحافي كاغدا مكتوبا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم فرفعه وطيبه بالمسك وبلعه فرأى في النوم قائلا يقول: يا بشر طيبت اسمنا فنحن نطيب اسمك في الدنيا والآخرة. وثانيها: قوله تعالى: * (ولله الأسماء الحسنى) * (الأعراف: 180) وليس حسن الأسماء لذواتها لأنها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن أسماء الله حسنا يتعلق بالصورة والخلقة فإن ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع إلى معنى الإحسان مثلا اسم الستار والغفار والرحيم إنا كانت حسناء لأنها دالة على معنى الإحسان، وروى أن حكيما ذهب إليه قبيح وحسن والتمسا الوصية فقال للحسن: أنت حسن والحسن لا يليق به الفعل القبيح، وقال للآخر أنت قبيح والقبيح إذا فعل الفعل القبيح عظم قبحه. فنقول: إلهنا أسماؤك حسنة وصفاتك حسنة فلا تظهر لنا من تلك الأسماء الحسنة والصفات الحسنة إلا الإحسان، إلهنا يكفينا قبح أفعالنا وسيرتنا فلا نضم إليه قبح العقاب ووحشة العذاب. وثالثها: قوله عليه السلام: " اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه " إلهنا حسن الوجه عرضي أما حسن الصفات والأسماء فذاتي فلا تردنا عن إحسانك خائبين خاسرين. رابعها: ذكر أن صيادا كان يصيد السمك فصاد سمكة وكان له ابنة فأخذتها ابنته فطرحتها الماء وقالت: إنها ما وقعت في الشبكة إلا لغفلتها، إلهنا تلك الصبية رحمت غفلة هاتيك السمكة وكانت تلقيها مرة أخرى في البحر ونحن قد اصطادتنا وسوسة إبليس وأخرجتنا من بحر رحمتك فارحمنا بفضلك وخلصنا منها وألقنا في بحار رحمتك مرة أخرى. وخامسها: ذكرت من الأسماء خمسة في الفاتحة، وهي الله والرب والرحمن والرحيم والملك فذكرت الإلهية وهي إشارة إلى القهارية والعظمة فعلم أن الأرواح لا تطيق ذلك القهر والعلو فذكر بعده أربعة أسماء تدل على اللطف، الرب وهو يدل على التربية والمعتاد أن من ربى أحدا فإنه لا يهمل أمره ثم ذكر الرحمن الرحيم وذلك هو النهاية في اللطف والرأفة ثم ختم الأمر بالملك والملك العظيم لا ينتقم من الضعيف العاجز ولأن عائشة قالت لعلي عليه السلام: " ملكت فأشجع فأنت أولى بأن تعفو عن هؤلاء الضعفاء ". وسادسها: عن محمد بن كعب القرظي قال موسى عليه السلام: " إلهي أي خلقك أكرم عليك؟ قال