صفاتهم أنهم يستغفرون للذين آمنوا، وأما الناقص الذي لا يحتمل الكمال فهو الجمادات والنبات والبهائم، وأما الذي يقبل الأمرين جميعا فهو الإنسان تارة يكون في الترقي بحيث يخبر عنه بأنه * (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) * (القمر: 55) وتارة في التسفل بحيث يقال: * (ثم رددناه أسفل سافلين) * (التين: 5) وإذا كان كذلك استحال أن يكون الإنسان كاملا لذاته، وما لا يكون كاملا لذاته استحال أن يصير موصوفا بالكمال إلى أن يصير منتسبا إلى الكامل لذاته. لكن الانتساب قسمان: قسم يعرض للزوال وقسم لا يكون يعرض للزوال. أما الذي يكون يعرض للزوال، فلا فائدة فيه ومثاله الصحة والمال والجمال، وأما الذي لا يكون يعرض للزوال فعبوديتك لله تعالى فإنه كما يمتنع زوال صفة الإلهية عنه يمتنع زوال صفة العبودية عنك فهذه النسبة لا تقبل الزوال، والمنتسب إليه وهو الحق سبحانه لا يقبل الخروج عن صفة الكمال. ثم إذا كنت من بلد أو منتسبا إلى قبيلة فإنك لا تزال تبالغ في مدح تلك البلدة والقبيلة بسبب ذلك الانتساب العرضي فلأن تشتغل بذكر الله تعالى ونعوت كبريائه بسبب الانتساب الذاتي كان أولى فلهذا قال: * (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) * (الأعراف: 180) وقال: * (الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى) *.
البحث الثاني: في تقسيم أسماء الله تعالى. اعلم أن اسم كل شيء، إما أن يكون واقعا عليه بحسب ذاته أو بحسب أجزاء ذاته أو بحسب الأمور الخارجة عن ذاته. أما القسم الأول: فقد اختلفوا في أنه هل لله تعالى اسم على هذا الوجه وهذه المسألة مبنية على أن حقيقة الله تعالى هل هي معلومة للبشر أم لا؟ فمن قال إنها غير معلومة للبشر قال: ليس لذاته المخصوصة اسم، لأن المقصود من الاسم أن يشار به إلى المسمى وإذا كانت الذات المخصوصة غير معلومة امتنعت الإشارة العقلية إليها، فامتنع وضع الاسم لها، وقد تكلمنا في تحقيق ذلك في تفسير اسم الله، وأما الاسم الواقع عليه بحسب أجزاء ذاته فذلك محال لأنه ليس لذاته شيء من الأجزاء لأن كل مركب ممكن وواجب الوجود لا يكون ممكنا فلا يكون مركبا، وأما الاسم الواقع بحسب الصفات الخارجة عن ذاته، فالصفات إما أن تكون ثبوتية حقيقية أو ثبوتية إضافية أو سلبية أو ثبوتية مع إضافية أو ثبوتية مع سلبية أو إضافية مع سلبية أو ثبوتية وإضافية وسلبية ولما كانت الإضافات الممكنة غير متناهية، وكذا السلوب غير متناهية، أمكن أن يكون للباري تعالى أسماء متباينة لا مترادفة غير متناهية. فهذا هو التنبيه على المأخذ.
البحث الثالث: يقال: إن لله تعالى أربعة آلاف اسم، ألف لا يعلمها إلا الله تعالى وألف لا يعلمها إلا الله والملائكة وألف لا يعلمها إلا الله والملائكة والأنبياء. وأما الألف الرابع فإن المؤمنين يعلمونها ثلثمائة منها في التوراة وثلثمائة في الإنجيل وثلثمائة في الزبور ومائة في الفرقان تسع وتسعون منها ظاهرة وواحد مكتوم فمن أحصاها دخل الجنة.
البحث الرابع: الأسماء الواردة في القرآن منها ما ليس بانفراده ثناء ومدحا، كقوله جاعل