والجواب: أن قوله: * (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) * يفيد العموم. والجمع، إذا قوبل بالجمع يوزع الفرد على الفرد، وكل فريق من أهل الجنة ينادي من كان يعرفه من الكفار في الدنيا.
السؤال الثالث: ما معنى * (أن) * في قوله: * (أن قد وجدنا) *.
والجواب: إنه يحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة، وأن تكون مفسرة كالتي سبقت في قوله: * (أن تلكم الجنة) * (الأعراف: 43) وكذلك في قوله: * (أن لعنة الله على الظالمين) *.
السؤال الرابع: هلا قيل: * (ما وعدكم ربكم حقا) * (الأعراف: 44) كما قيل: * (ما وعدنا ربنا) *.
والجواب: قوله: * (ما وعدنا ربنا حقا) * يدل على أنه تعالى خاطبهم بهذا الوعد، وكونهم مخاطبين من قبل الله تعالى بهذا الوعد يوجب مزيد التشريف. ومزيد التشريف لائق بحال المؤمنين، أما الكافر فهو ليس أهلا لأن يخاطبه الله تعالى، فلهذا السبب لم يذكر الله تعالى أنه خاطبهم بهذا الخطاب بل ذكر تعالى أنه بين هذا الحكم.
أما قوله تعالى: * (قالوا نعم) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: الآية تدل على أن الكفار يعترفون يوم القيامة بأن وعد الله ووعيده حق وصدق ولا يمكن ذلك إلا إذا كانوا عارفين يوم القيامة بذات الله وصفاته.
فإن قيل: لما كانوا عارفين بذاته وصفاته، وثبت أن من صفاته أنه يقبل التوبة عن عباده، وعلموا بالضرورة أن عند قبول التوبة يتخلصون من العذاب، فلم لا يتوبون ليخلصوا أنفسهم من العذاب؟ وليس لقائل أن يقول أنه تعالى إنما يقبل التوبة في الدنيا لأن قوله تعالى: * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات) * (الشورى: 25) عام في الأحوال كلها، وأيضا فالتوبة اعتراف بالذنب وإقرار بالذلة والمسكنة واللائق بالرحيم الحكيم التجاوز عن هذه الحالة سواء كان في الدنيا أو في الآخرة.
أجاب المتكلمون: بأن شدة اشتغالهم بتلك الآلام الشديدة يمنعهم عن الإقدام على التوبة ولقائل أن يقول: إذا كانت تلك الآلام لا تمنعهم عن هذه المناظرات، فكيف تمنعهم عن التوبة التي بها يتخلصون عن تلك الآلام الشديدة؟
واعلم أن المعتزلة: الذين يقولون يجب على الله قبول التوبة لا خلاص لهم عن هذا السؤال. أما أصحابنا لما قالوا أن ذلك غير واجب عقلا. قالوا لله تعالى أن يقبل التوبة في الدنيا، وأن لا يقبلها في الآخرة، فزال السؤال. والله أعلم.
المسألة الثانية: قال سيبويه: * (نعم) * عدة وتصديق، وقال الذين شرحوا كلامه معناه: إنه