يستعمل تارة عدة، وتارة تصديقا، وليس معناه: أنه عدة وتصديق معا ألا ترى أنه إذا قال: أتعطيني؟ وقال نعم كان عدة ولا تصديق فيه، وإذا قال: قد كان كذا وكذا. فقلت: نعم فقد صدقت ولا عدة فيه، وأيضا إذا استفهمت عن موجب كما يقال: أيقوم زيد؟ قلت: نعم ولو كان مكان الإيجاب نفيا لقلت: بلى ولم تقل نعم فلفظة نعم مختصة بالجواب عن الإيجاب، ولفظة بلى مختصة بالنفي كما في قوله تعالى: * (ألست بربكم قالوا بلى) * (الأعراف: 172).
المسألة الثالثة: قرأ الكسائي * (نعم) * بكسر العين في كل القرآن. قال أبو الحسن: هما لغتان قال أبو حاتم: الكسر ليس بمعروف، واحتج الكسائي بأنه روى عن عمر أنه سأل قوما عن شيء فقالوا: نعم. فقال عمر: أما النعم فالإبل. قال أبو عبيدة: هذه الرواية عن عمر غير مشهورة.
أما قوله تعالى: * (فأذن مؤذن بينهم) * ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: معنى التأذين في اللغة النداء والتصويت بالإعلام، والأذان للصلاة إعلام بها وبوقتها، وقالوا في: * (أذن مؤذن) * نادى مناد أسمع الفريقين. قال ابن عباس: وذلك المؤذن من الملائكة وهو صاحب الصور.
المسألة الثانية: قوله: * (بينهم) * يحتمل أن يكون ظرفا لقوله: * (أذن) * والتقدير: أن المؤذن أوقع ذلك الأذان بينهم، وفي وسطهم، ويحتمل أن يكون صفة لقوله: * (مؤذن) * والتقدير: أن مؤذنا من بينهم أذن بذلك الأذان، والأول أولى والله أعلم.
أما قوله تعالى: * (أن لعنة الله على الظالمين) * ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم * (أن) * مخففة * (لعنة) * بالرفع والباقون مشددة * (لعنة) * بالنصب. قال الواحدي رحمه الله: من شدد فهو الأصل، ومن خفف * (أن) * فهي مخففة من الشديدة على إرادة إضمار القصة والحديث تقديره أنه لعنه الله، ومثله قوله تعالى: * (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) * (يونس: 10) التقدير: أنه، ولا تخفف أن إلا ويكون معها إضمار الحديث والشأن. ويجوز أيضا أن تكون المخففة هي التي للتفسير كأنها تفسير لما أذنوا به كما ذكرناه في قوله: * (أن قد وجدنا) * وروى صاحب " الكشاف " أن الأعمش قرأ * (إن لعنة الله) * بكسر * (إن) * على إرادة القول، أو على إجراء * (أذن) * مجرى " قال ".
المسألة الثانية: اعلم أن هذه الآية تدل على أن ذلك المؤذن، أوقع لعنة الله على من كان موصوفا بصفات أربعة.
الصفة الأولى: كونهم ظالمين. لأنه قال: * (أن لعنة الله على الظالمين) * قال أصحابنا المراد منه