ومنكرو نبوة محمد ينكرون الدلائل الدالة على نبوته، ومنكرو المعاد ينكرون الدلائل الدالة على صحة المعاد، فقوله: * (كذبوا بآياتنا) * يتناول الكل، ومعنى الاستكبار طلب الترفع بالباطل وهذا اللفظ في حق البشر يدل على الذم قال تعالى في صفة فرعون: * (واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق) *.
أما قوله تعالى: * (لا تفتح لهم أبواب السماء) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ أبو عمرو * (لا تفتح) * بالتاء خفيفة، وقرأ حمزة والكسائي بالياء خفيفة والباقون بالتاء مشددة. أما القراءة بالتشديد فوجهها قوله تعالى: * ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء) * (الأنعام: 44) - * (ففتحنا أبواب السماء) * (القمر: 11) وأما قراءة حمزة والكسائي فوجهها أن الفعل متقدم.
المسألة الثانية: في قوله: * (لا تفتح لهم أبواب السماء) * أقوال. قال ابن عباس: يريد لا تفتح لأعمالهم ولا لدعائهم ولا لشيء مما يريدون به طاعة الله، وهذا التأويل مأخوذ من قوله تعالى: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) * (فاطر: 10) ومن قوله: * (كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين) * (المطففين: 18) وقال السدي وغيره: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء، وتفتح لأرواح المؤمنين، ويدل على صحة هذا التأويل ما روي في حديث طويل: أن روح المؤمن يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها، فيقال مرحبا بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب، ويقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء السابعة، ويستفتح لروح الكافر فيقال لها ارجعي ذميمة، فإنه لا تفتح لك أبواب السماء.
والقول الثالث: أن الجنة في السماء فالمعنى: لا يؤذن لهم في الصعود إلى السماء. ولا تطرق لهم إليها ليدخلوا الجنة.
والقول الرابع: لا تنزل عليهم البركة والخير، وهو مأخوذ من قوله: * (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) * (القمر: 11) وأقول هذه الآية تدل على أن الأرواح إنما تكون سعيدة أما بأن ينزل عليها من السماء أنواع الخيرات، وإما بأن يصعد أعمال تلك الأرواح إلى السماوات وذلك يدل على أن السماوات موضع بهجة الأرواح، وأماكن سعادتها، ومنها تنزل الخيرات والبركات، وإليها تصعد الأرواح حال فوزها بكمال السعادات، ولما كان الأمر كذلك كان قوله: * (لا تفتح لهم أبواب السماء) * من أعظم أنواع الوعيد والتهديد.
أما قوله تعالى: * (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: " الولوج " الدخول. والجمل مشهور، و " السم " بفتح السين وضمها ثقب الإبرة قرأ ابن سيرين * (سم) * بالضم، وقال صاحب " الكشاف ": يروي * (سم) * بالحركات الثلاث، وكل ثقب