فنظر نظرة في النجوم (88) فقال إني سقيم (89) فتولوا عنه مدبرين (90) فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون (91) مالكم لا تنطقون (92) فراغ عليهم ضربا باليمين (93) فأقبلوا إليه يزفون (94) قال أتعبدون ما تنحتون (95) والله خلقكم وما تعملون (96) قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم (97) فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين (98) وقال إني ذاهب إلى ربى سيهدين (99) رب هب لي من الصالحين (100) فبشرناه بغلام حليم (101) قوله تعالى: (و إن من شيعته لإبراهيم) أي: من أهل دينه وملته. والهاء في " شيعته " عائدة على نوح في قول الأكثرين، وقال ابن السائب: تعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم، واختاره الفراء.
فإن قيل: كيف يكون من شيعته، وهو قبله؟ فالجواب: أنه مثل قوله تعالى:
(حملنا ذريتهم)، فجعلها ذريتهم وقد سبقتهم، وقد شرحنا هذا فيما مضى.
قوله تعالى: (إذا جاء ربه) أي: صدق الله وآمن به (بقلب سليم) من الشرك وكل دنس، وفيه أقوال ذكرناها في الشعراء.
قوله تعالى: (ماذا تعبدون؟) هذا استفهام توبيخ، كأنه وبخهم على عبادة غير الله.
(أإفكا؟!) أي: أتأفكون إفكا و تعبدون آلهة سوى الله؟! (فما ظنكم برب العالمين) ألقيتموه وقد عبدتم غيره؟! كأنه قال: فما ظنكم أن يصنع بكم؟ (فنظر نظرة في النجوم) فيه قولان:
أحدهما: أنه نظر في علم النجوم، وكان القوم يتعاطون علم النجوم، فعاملهم من حيث هم، وأراهم أني أعلم من ذلك ما تعلمون، لئلا ينكروا عليه ذلك. قال ابن المسيب: رأى نجما طالعا، فقال: إني مريض غدا.
والثاني: أنه نظر إلى النجوم، لا في علمها.
فإن قيل: فما كان مقصوده؟ فالجواب أنه كان لهم عيد، فأراد التخلف عنهم ليكيد أصنامهم، فاعتل بهذا القول.
قوله تعالى: (إني سقيم) من معاريض الكلام. ثم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: سأسقم، قاله الضحاك. قال ابن الأنباري: أعلمه الله [عز وجل] أنه يمتحنه بالسقم إذا طلع نجم يعرفه، فلما رأى النجم، علم أنه سيسقم.