وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا (7) أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا (8) أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا (9) قوله تعالى: (وقالوا) يعني المشركين (ما لهذا الرسول يأكل الطعام) ويمشي في الطرق كما يمشي سائر الناس يطلب المعيشة، والمعنى: أنه ليس بملك ولا ملك، لأن الملائكة لا تأكل، والملوك لا تتبذل في الأسواق، فعجبوا أن يكون مساويا للبشر لا يتميز عليهم بشئ، وإنما جعله الله بشرا ليكون مجانسا للذين أرسل إليهم، ولم يجعله ملكا يمتنع من المشي في الأسواق، لأن ذلك من فعل الجبابرة، ولأنه أمر بدعائهم، فاحتاج أن يمشي بينهم.
قوله تعالى: (لولا أنزل إليه ملك) وذلك أنهم قالوا له: سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك ويجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا، فذلك قوله تعالى: (أو يلقى إليه كنز) أي: ينزل إليه كنز من السماء (أو تكون له جنة) أي: بستان يأكل من ثمارها. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: " يأكل منها " بالياء، يعنون النبي صلى الله عليه و آله وسلم. وقرأ حمزة، والكسائي: " نأكل " بالنون، قال أبو علي: المعنى: يكون له علينا مزية في الفضل بأكلنا من جنته. وباقي الآية مفسر في بني إسرائيل.
قوله تعالى: (انظر) يا محمد (كيف ضربوا لك الأمثال) حين مثلوك بالمسحور، وبالكاهن والمجنون والشاعر (فضلوا) بهذا عن الهدى (فلا يستطيعون سبيلا) فيه قولان:
أحدهما: لا يستطيعون مخرجا من الأمثال التي ضربوها، قاله مجاهد، والمعنى أنهم كذبوا ولم يجدوا على قولهم حجة وبرهانا. وقال الفراء: لا يستطيعون في أمرك حيلة.
والثاني: سبيلا إلى الطاعة، قاله السدي.
تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا (10) بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا (11) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا (13) لا تدعوا