ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور (18) واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (19) قوله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس) قرأ ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر، ويعقوب: " تصعر " بتشديد العين من غير ألف. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: بألف من غير تشديد. قال الفراء: هما لغتان، ومعناهما الإعراض من الكبر. وقرأ أبي بن كعب، وأبو رجاء وابن السميفع، وعاصم الجحدري: " ولا تصعر " بإسكان الصاد وتخفيف العين من غير ألف. وقال الزجاج: معناه: لا تعرض عن الناس تكبرا، يقال: أصاب البعير صعر: إذا أصابه داء يلوي منه عنقه. وقال ابن عباس: هو الذي إذا سلم عليه لوى عنقه كالمستكبر. وقال أبو العالية: ليكن الغني والفقير عندك في العلم سواء. وقال مجاهد: و هو الرجل يكون بينه وبين أخيه الحنة، فيراه فيعرض عنه. وباقي الآية بعضه مفسر في بني إسرائيل وبعضه في سورة النساء.
قوله تعالى: (واقصد في مشيك) أي: ليكن مشيك قصدا، لا تخيلا ولا إسراعا. قال عطاء: امش بالوقار والسكينة.
قوله تعالى: (واغضض من صوتك) أي: انقص منه. قال الزجاج: ومنه: غضضت بصري، وفلان يغص من فلان، أي: يقصر به.
(إن أنكر الأصوات) وقرأ أبو المتوكل، وابن أبي عبلة: " أن أنكر الأصوات " بفتح الهمزة. ومعنى " أنكر ": أقبح، تقول: أتانا فلان بوجه منكر، أي: قبيح. وقال المبرد: تأويله: أن الجهر بالصوت ليس بمحمود، وأنه داخل في باب الصوت المنكر، وقال ابن قتيبة: عرفه قبح رفع الأصوات في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير، لأنها عالية. قال ابن زيد: لو كان رفع الصوت خيرا، ما جعله الله [عز وجل] للحمير. وقال سفيان الثوري: صياح كل شئ تسبيح لله عز وجل، إلا الحمار، فإنه ينهق بلا فائدة.
فإن قيل: كيف قال: " لصوت " ولم يقل: " لأصوات الحمير "؟
فالجواب: أن لكل جنس صوتا، فكأنه قال: إن أنكر أصوات الأجناس صوت هذا الجنس.