والرابع: عشرون يوما، قاله الضحاك.
والخامس: بعض يوم، التقمه ضحى، ونبذه قبل غروب الشمس، قاله الشعبي.
قوله تعالى: (فنبذناه) قال ابن قتيبة: أي ألقيناه (بالعراء) وهي الأرض التي لا يتوارى فيها بشجر ولا غيره، فكأنه من عري الشئ.
قوله تعالى: (و هو سقيم) أي: مريض، قال ابن مسعود: كهيأة الفرخ الممعوط الذي ليس له ريش. وقال سعيد بن جبير: أوحى الله تعالى إلى الحوت أن ألقه في البر، فألقاه لا شعر عليه ولا جلد ولا ظفر.
قوله تعالى: (و أنبتنا عليه شجرة من يقطين) قال ابن عباس: هو القرع، وقد قال أمية بن الصلت قبل الإسلام:
فأنبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله ألفي ضاحيا قال الزجاج: كل شجرة لا تنبت على ساق وإنما تمتد على وجه الأرض نحو القرع والبطيخ والحنظل، فهي يقطين، واشتقاقه من: قطن بالمكان: إذا أقام، فهذا الشجر ورقه كله على وجه الأرض، فلذلك قيل له: يقطين. قال ابن مسعود: كان يستظل بها ويصيب منها فيبست فبكى عليها، فأوحى الله إليه: أتبكي على شجرة أن يبست، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم؟ و قال زيد بن عبد الله بن قسيط: قيض الله له أروية من الوحش تروح عليه بكرة وعشيا فيشرب من لبنها حتى نبت لحمه.
فإن قيل: ما الفائدة في إنبات شجرة اليقطين عليه دون غيرها؟
فالجواب: أنه خرج كالفرخ على ما وصفنا، وجلده قد ذاب، فأدنى شئ يمر به يؤذيه، وفي ورق اليقطين خاصية، وهو أنه إذا ترك على شئ، لم يقربه ذباب، فأنبته الله عليه ليغطيه ورقها ويمنع الذباب ريحه أن يسقط عليه فيؤذيه.
قوله تعالى: (و أرسلناه إلى مائة ألف) اختلفوا، هل كانت رسالته قبل التقام الحوت إياه، أم بعد ذلك؟ على قولين:
أحدهما: أنها كانت بعد نبذ الحوت إياه، على ما ذكرنا في [سورة] يونس، وهو مروي عن ابن عباس.
والثاني: أنها كانت قبل التقام الحوت له، وهو قول الأكثرين، منهم الحسن، ومجاهد، وهو الأصح، والمعنى: وكنا أرسلناه إلى مائة ألف، فلما خرج من بطن الحوت، أمر أن يرجع إلى قومه الذين أرسل إليهم. وفي قوله: (أو) ثلاثة أقوال: