أحدهما: كفه، قاله مجاهد.
والثاني: عصاه، قاله قتادة.
فلما مات القبطي ندم موسى لأنه لم يرد قتله، و (قال هذا من عمل الشيطان) أي: هو الذي هيج غضبي حتى ضربت هذا، (إنه عدو) لابن آدم (مضل) (مبين) عداوته. ثم استغفر (فقال رب إني ظلمت نفسي) أي: بقتل هذا، ولا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر. (قال رب بما أنعمت علي) بالمغفرة (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) قال ابن عباس: عونا للكافرين.
وهذا يدل على أن الإسرائيلي الذي أعانه موسى كان كافرا.
فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين (18) فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين (19) وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين (20) قوله تعالى: (فأصبح في المدينة) وهي التي قتل بها القبطي (خائفا) على نفسه (يترقب) أي: ينتظر سوءا يناله منهم ويخاف أن يقتل به (فإذا الذي استنصره بالأمس) وهو الإسرائيلي (يستصرخه) أي: يستغيث به على قبطي آخر أراد أن يسخره أيضا (قال له موسى) في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى القبطي.
الثاني: إلى الإسرائيلي، وهو أصح.
فعلى الأول يكون المعنى: (إنك لغوي) بتسخيرك وظلمك. و على الثاني فيه قولان:
أحدهما: أن يكون الغوي بمعنى المغوي، كالأليم والوجيع، والمعنى: إنك لمضل حين قتلت بالأمس رجلا بسببك، وتدعوني اليوم إلى آخر.
والثاني: أن يكون الغوي بمعنى الغاوي، والمعنى، إنك غاو في قتالك من لا تطيق دفع شره عنك.