قوله تعالى: (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا) أي: يمنعهما من الزوال والذهاب والوقوع. قال الفراء (ولئن) بمعنى " ولو " و " إن " بمعنى " ما "، فالتقدير: ولو زالتا ما أمسكهما من أحد. وقال الزجاج: لما قالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت اليهود: عزير ابن الله، كادت السماوات يتفطرن والجبال أن تزول والأرض أن تنشق، فأمسكها الله عز وجل، وإنما وحد " الأرض " مع جمع " السماوات "، لأن الأرض تدل على الأرضين. (ولئن زالتا) تحتمل وجهين.
أحدهما: زوالهما يوم القيامة.
والثاني: أن يقال تقديرا: وإن لم تزولا، وهذا مكان يدل على القدرة، غير أنه ذلك الحلم فيه، لأنه لما أمسكهما عند قولهم: (اتخذ الرحمن ولدا)، حلم فلم يعجل لهم العقوبة.
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا (42) إستكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا (43) قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) يعني كفار مكة حلفوا بالله قبل إرسال محمد صلى الله عليه وسلم (لئن جاءهم نذير) أي: رسول الله (ليكونن أهدى) أي: أصوب دينا (من إحدى الأمم) يعني:
اليهود والنصارى الصابئين (فلما جاءهم نذير) وهو محمد صلى الله عليه وسلم (ما زادهم) مجيئه (إلا نفورا) أي: تباعدا عن الهدى، (استكبارا في الأرض) أي: عتوا على الله وتكبرا عن الإيمان به. قال الأخفش: نصب " استكبارا " على البدل من النفور. قال الفراء: المعنى: فعلوا ذلك استكبارا (ومكر السيء)، فأضيف المكر إلى السيء، كقوله: (وإنه لحق اليقين)، وتصديقه في قراءة عبد الله: " ومكرا سيئا "، والهمزة في " السيء " مخفوضة، وقد جزمها الأعمش وحمزة، لكثرة الحركات، قال الزجاج: وهذا عند النحويين الحذاق لحن، إنما يجوز في الشعر اضطرارا.
وقال أبو جعفر النحاس: كان الأعمش يقف على " مكر السيء " فيترك الحركة، وهو وقف حسن