قوله تعالى: (إن ذلك) يعني الخلق الأول والخلق الثاني.
قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض) أي: انظروا إلى المخلوقات التي في الأرض، وابحثوا عنها هل تجدون لها خالقا غير الله [عز وجل]، فإذا علموا أنه لا خالق سواه، لزمتهم الحجة في الإعادة، وهو قوله [تعالى]: (ثم الله ينشئ النشأة الآخرة) أي: ثم الله [تعالى] ينشئهم عند البعث نشأة أخرى. وأكثر القراء قرؤوا: " النشأة " بتسكين الشين وترك المد. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " النشاءة " بالمد.
قوله تعالى: (يعذب من يشاء) فيه قولان:
أحدهما: أنه في الآخرة بعد إنشائهم.
والثاني: أنه في الدنيا. ثم فيه خمسة أقوال حكاها الماوردي: أحدها: يعذب من يشاء بالحرص، ويرحم من يشاء بالقناعة. والثاني: يعذب بسوء الخلق ويرحم بحسن الخلق. والثالث:
يعذب بمتابعة البدعة، ويرحم بملازمة السنة. والرابع: يعذب بالانقطاع إلى الدنيا، ويرحم بالإعراض عنها. والخامس: يعذب من يشاء ببغض الناس له، ويرحم من يشاء بحب الناس له.
قوله تعالى: (و إليه تقلبون) أي: تردون. (و ما أنتم بمعجزين في الأرض) فيه قولان حكاهما الزجاج:
أحدهما: وما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أهل السماء بمعجزين في السماء.
والثاني: و ما أنتم بمعجزين في الأرض، ولا لو كنتم في السماء. وقال قطرب: هذا كقولك: ما يفوتني فلان لا هاهنا ولا بالبصرة، أي: ولا بالبصرة لو صار إليها. قال مقاتل:
والخطاب لكفار مكة، والمعنى: لا تسبقون الله حتى يجزيكم بأعمالكم السيئة، (ومالكم من دون الله من ولي) أي: قريب ينفعكم (ولا نصير) يمنعكم من الله تعالى.
قوله تعالى: (و الذين كفروا بآيات الله ولقائه) أي: بالقرآن والبعث (أولئك يئسوا من رحمتي) في الرحمة قولان:
أحدهما: الجنة، قاله مقاتل.
والثاني: العفو والمغفرة، قاله أبو سليمان. قال ابن جرير: وذلك في الآخرة عند رؤية العذاب.
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (24) وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا