زاد المسير - ابن الجوزي - ج ٦ - الصفحة ٩
فإن قيل: لم كسرت " إنهم " هاهنا، وفتحت في براءة في قوله تعالى: (أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم) فقد بينا علة فتح تلك، فأما كسر هذه فذكر ابن الأنباري فيه وجهين:
أحدهما: أن تكون فيها واو للحال مضمرة، فكسرت بعدها " إن " للاستئناف، فيكون التقدير: إلا وإنهم ليأكلون الطعام، فأضمرت الواو ها هنا كما أضمرت في قوله تعالى: (أو هم قائلون)، و التأويل، أو وهم قائلون.
و الثاني: أن تكون كسرت لإضمار " من " قبلها، فيكون التقدير: وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا من إنهم ليأكلون، قال الشاعر:
فظلوا ومنهم دمعة سابق له * وآخر يثني دمعة العين بالمهل أردا: من دمعه.
قوله تعالى: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) الفتنة: الابتلاء والاختبار. و في معنى الكلام ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه افتتان الفقير بالغني، يقول: لو شاء لجعلني غنيا، والأعمى بالبصير، والسقيم بالصحيح، قاله الحسن.
والثاني: ابتلاء الشريف بالوضيع، والعربي بالمولى، فإذا أراد الشريف أن يسلم فرأى الوضيع قد سبقه بالإسلام أنف فأقام على كفره، قاله ابن السائب.
والثالث: أن المستهزئين من قريش كانوا إذا رأوا فقراء المؤمنين، قالوا: انظروا إلى أتباع محمد من موالينا ورذالتنا، قاله مقاتل.
فعلى الأول: يكون الخطاب بقوله: (أتصبرون) لأهل البلاء. وعلى الثاني: للرؤساء، فيكون المعنى: أتصبرون على سبق الموالي والأتباع. وعلى الثالث: للفقراء، والمعنى:
أتصبرون على أذى الكفار واستهزائهم، فالمعنى: قد علمتم ما وعد الصابرون، (وكان ربك بصيرا) بمن يصبر وبمن يجزع.
* وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتوا كبيرا (21) يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا
(٩)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، الصبر (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست