بها، وب (إنا فتحنا لك فتحا مبينا).
قوله تعالى: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) اختلفوا في كيفية هذا التبديل وفي زمان كونه، فقال ابن عباس: يبدل الله شركهم إيمانا، وقتلهم إمساكا، وزناهم إحصانا، وهذا يدل:
أولا: على أنه يكون في الدنيا، وممن ذهب إلى هذا المعنى سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد.
والثاني: أن هذا يكون في الآخرة، قاله سلمان رضي الله عنه، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين. وقال عمرو بن ميمون: يبدل الله سيئات المؤمن إذا غفرها له حسنات، حتى إن العبد يتمنى أن تكون سيئاته أكثر مما هي. وعن الحسن كالقولين. وروي عن الحسن أنه قال: ود قوم يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا استكثروا من الذنوب، فقيل: من هم؟ قال: هم الذين قال الله تعالى فيهم: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)، ويؤكد هذا القول حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، فتعرض عليه صغار ذنوبه وتنحى عنه كبارها، فيقال: عملت يوم كذا، كذا، وهو مقر لا ينكر، وهو مشفق من الكبار، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة "، أخرجه مسلم في " صحيحه ".
ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا (71) والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما (72) والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا (73) والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما (74) قوله تعالى: (ومن تاب) ظاهر هذه التوبة أنها عن الذنوب المذكورة. وقال ابن عباس:
يعني: ممن لم يقتل ولم يزن، (وعمل صالحا) فإني قد قدمتهم وفضلتهم على من قاتل نبيي واستحل محارمي.
قوله تعالى: (فإنه يتوب إلى الله متابا) قال ابن الأنباري: معناه: من أراد التوبة وقصد حقيقتها، فينبغي له أن يريد الله بها ولا يخلط بها ما يفسدها، وهذا كما يقول الرجل: من تجر فإنه يتجر في البز، ومن ناظر فإنه يناظر في النحو، أي: من أراد ذلك، فينبغي أن يقصد هذا الفن، قال:
ويجوز أن يكون معنى الآية: ومن تاب وعمل صالحا، فإن ثوابه وجزاءه يعظمان له عند ربه الذي أراد بتوبته، فلما كان قوله: " فإنه يتوب إلى الله متابا " يؤدي عن هذا المعنى، كفى منه، وهذا كما يقول الرجل للرجل: إذا تكلمت فاعلم أنك تكلم من يعرف كلامك ويجازيك، ومثله قوله تعالى: (إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت)، أي: فإني أتوكل على